فيها قبول شهادة هؤلاء مطلقًا". قال: "وأما ولد الزنى فلم يختلف المذهب في رد شهادته في الزنى، وقبولها فيما سوى ذلك مما لا تعلق له بالزنى) والفرق على قول ابن كنانة وظاهر الكتاب أن المعرة بإتيان كبيرة يكفرها الحد وتمحوها التوبة والورع والعفاف فيصير فاعلها كأنه لم يأت قبيحًا، "إذ التائب من الذنب كمن لا ذنب له".
وأما ولد الزني فالمعرة لاصقة به أبدًا ما عاش، ولا تصح منه توبة عنها، إذ لم تكن من فعله، فافترقا.
السبب السادس: الحرص على الشهادة، وذلك في التحمل والأداء والقبول.
أم الحرص على التحمل فمثل أن يجلس مختفيًا في زاوية لتحمل شهادة، ينبني قبول شهادته على جواز تحمل الشهادة على المقر من غير أن يشهد على نفسه بما أقر به وهو المشهور. وإذا فرعنا عليه ففي كتاب محمد: تقبل شهادة المختفي إذا لم يكن المشهود عليه ضعيفاً أو مخدوعًا أو خائفًا، فقيل له: أيجوز أن يختفي له ليشهد عليه؟ فأجاب بأنه يتخوف ألا يحيط الشاهد علمًا بما كان من الخصمين، ثم قال: ولكن إن تحقق الإقرار كما يجب فليشهد. وحيث أجزنا شهادته فلا تحمل على الحرص.
وأما الحرص على الأداء فهو الابتداء به قبل طلبه، حيث لا تجب الابتداء به. والحقوق المشهود بها قسمان: حق الله تعالى، وحق لآدمي. وحق الله سبحانه نوعان: نوع (يستفاد) فيه التحريم، ونوع لا (يستفاد) فيه.
فأما ما يستفاد فيه التحريم فتقبل فيه الشهادة مع المبادرة، إذ تجب المبادرة بها وتأخير القيام بها من غير عذر جرحة، وهذا كالطلاق والعتاق والخلع والعفو عن (القصاص) وتحريم الرضاع والوقف على غير المعينين وشبه هذا، ولا يحمل ذلك على الحرص [على) الشهادة إذ هو مأمور به.
أما النوع الثاني وهو ما لا (يستفاد) تحريمه كالزنى وشرب الخمر وشبههما، فلا يجب الابتداء بها ولا يضر إخفاؤها، لأنه ستر وقد أمر به. وقال ابن القاسم في المجموعة: يكتمها