وأما القسم الثاني: وهو ما كان حقًا لآدمي فلا يبتدئ به وإن كان صاحب الحق لم يعلم بشهادته له، لكن إ١اعلم ذلك منه أعلمه بما له عنده من الشهادة، فإن طلبه بأدائها، أداها، وإن سكت عنه تركها، فإن بادر بها (دون طلب) لم تقبل.
وأما الحرص على القبول، فقال الإمام أبو عبد الله:"قد قيل في الشهادة: إنه إذا شهد وحلف على صحة شهادته إن ذلك يقدح في شهادته، بكون اليمين كالعلم على التعصب والحميدة وشدة الحرص على إنقاذها. قال: "وكذلك اختلف ابن القاسم (ومطرف في حقوق الله عز وجل، إذا قام بها شهود وخاصموا المشهود عليه فيها، فرأى ابن القاسم) أن ذلك يمنع من قبول شهادتهم، لأن المخاصمة علم على شدة الحرص على إنقاذ الشهادة والحكم بها، وشدة الحرص على إنفاذها قد تحمل على تحريفها أو زيادة فيها أو نقص منها لتنفيذ الشهادة بالتحريف. ورأى مطرف أن ذلك غير قادح لأن هذا تصرف فيه التهمة لأمور الآخرة، وقد تقدم أن العداوة لله سبحانه لا تؤثر في الشهادة، ولذلك قبلت شهادة المسلمين على الكفار، وإن كانوا أعداء من ناحية الدين.
ا
لسبب السابع:
(تطرق التهمة من جهة الشذوذ في الشهادة ومخالفة العادة، كشهادة البدوي على القروي، وفيه ورد النص، فروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تقبل شهادة البدوي على القروي. وفي طريق أبي داود: "ولا تقبل شهادة بدوي على صاحب قرية".
قال محمد بن عبد الحكم: تأوي لمالك هذا الحديث على أن المراد به الشهادة في الحقوق والأموال، ولم ترد (به) الشهادة في الدماء و [ما] في معناها مما يطل به الخلوات)، فلهذا قلنا: لا تقبل شهادة البدوي على القروي أوله في الحقوق التي يمكن