وبه قال أيضاً ابن وهب وابن عبد الحكم، وهو اختيار سحنون في نوازله.
وقال ابن القاسم وأصبغ بالقول الثاني أنه لا يشهد. قال ابن حبيب: هذا أحوط، والأول جائز.
التفريع: أما على القول الأول فقالوا: يشهد، ولا يقول للسلطان إنه لا يعرف منه إلى خطه. ويشهد أن ما فيه حق، وذلك لازم له أن يفعله قالوا: وإن ذكر للحاكم أنه لا يعرف من الشهادة شيء اوقد عرف خطه ولم يرتب، فلا يقبلها الحاكم.
وأما على القول الثاني الذي رجع إليه مالك، فروى أشهب "عنه أن الشاهد يرفعها إلى السلطان على وجهها، ويقول: إن كتابًا شبه كتابي وأظنه إياه ولست أذكر شهادتي ولا أني كتبتها، يحكى ذلك على وجهه ولا يقضي بها. قيل: فإن لم يكن في الكتاب محو ولا شيء، وعرف خطه، قال: قد يضرب على خطه ولم يذكر الشهادة، فلا أرى أن يشهد، وقد أتيت غير مرة بخط يدي أعرفه ولم أثبت الشهادة عليه، فلم (أشهد).
قال الشيخ أبو محمد: "قال أبو بكر: كان القاسم بن محمد إذا شهد بشهادة كتبها، وكان مالك بفعله". ومن لا يعرف نسبه فلابد من الشهادة على عينه.
ولا يجوز تحمل الشهادة على المرأة المنتقبة، بل لابد من أن تكشف عن وجهها ليعرفها ويميزها، عند الأداء، عن أمثالها بالإشارة والمعرفة المحققة، ولو عرفها رجلان فلا يشهد عليها بل على شهادتهما بأن فلانة أقرت، وذلك عند تعذر الأداء منهما لأنه فرعهما. وقال ابن نافع: يشهد، ورواه عن مالك.
قال الشيخ أبو الوليد: "والذي أقل به: أنه إن كان المشهود له أتاه بالشاهدين ليشهد له عليها بشهادتهما عنده أنها فلانة، فلا يشهد إلا على شهادتهما، وإن كان هو سأل الشاهدين فأخبراه أنها فلانة فليشهد عليها". قال: "وكذلك لو سأل عن ذلك رجلاً واحدًا يثق به أو امرأة لجاز له أن يشهد". قال: ولو أتاه المشهود له بجماعة من لفيف النساء يشهدن عنده أنها فلانة لجاز له أن يشهد إذا وقع له العلم بشهادتهن.