وإذا شهدت بينة على عين امرأة بدين وزعمت أنها بنت زيد، فليس للقاضي أن يسجل على بنت زيد حتى يثبت بالبينة أنها بنت زيد.
القسم الثاني: ما لا يدرك بالإحساس، وإنما يثبت بقرائن الأحوال أو بالتسامع.
أما القرائن فكالشهادة بالإعسار، فإنه إنما يدرك بالخبرة الباطنة، وقرائن الأحوال في الصبر على الضر والجوع، ولا يعلم ذلك بيقين، لكن إذا حصل ظن قريب من اليقين جازت الشهادة. وكالشهادة للمرأة بضرر زوجها، ففي العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم أن ذلك جائز بالسماع من الأهل والجيران.
وأما التسامع، فهو أن يقو الشهود: سمعنا سماعًا فاشيًا من أهل العدل وغيرهم. وقال محمد: يقولون: إنا لم نزل نسمع من الثقات. وقال مطرف وابن الماجشون: يقولون: سمعنا سماعًا فاشيًا من أهل العدل. قالا: ولا يجوز من غير أهل العدل من سامعين أو مسموع منهم، ولا يسمون من سمعوا منه، فغن سموا كان نوقل شهادة لا شهادة سماع.
قال أبو إسحاق التونسي: وشهادة السماع أجيزت للضرورة، ولا يستخرج بها شيء من يد حائز، وإنما تصح للحائز، مثل أن يثبت رجل على رجل حائز لدار أنها لأبيه أو لجده، وهذا الطالب غائب، فيقيم الذي هي في يده بينة على السماع في تطاول الزمان أنه اشتراها من أبي هذا القائم، أو جده، أو ممن صارت إليهم عنهم، فيثبت له بقاؤها في يده بهذه الشهادة، (أو إن أباه هو أو جده اشتراها من أبي هذا القائم أو جده أو ممن صارت إليه عنهم، فيثبت له بقاؤها في يده بهذه الشهادة). قال: وكذلك السماع في الأحباس أن تكون داراً ليست في يد (مشتر لها)، وإنما هي في يد حائزين لها، فتشهد بينة على السماع أنها حبس على الحائزين لها وعلى أعقابهم، أو تكون لا يد عليها لأحد، فتشهد بينة أنها حبس على بني فلان، أو حبس لله تعالى ما بقيت الدنيا، فهذا الذي تصح فيه شهادة السماع طال الزمان.
وقال أبو القاسم بن محرز، بعد أن ذكر (مثل) ما ذكر أبو إسحاق: ولن يقضي لأحد من هؤلاء؛ بما وصفنا من شهادة السماع، إلا بعد يمينه. قال: وذلكم أن السماع إنما هو نقل وإن لم يكن من شرطه إذن المنقول عنهم الشهادة، ولعل أصل السماع عن شاهد واحد،