حكمه كحكمهم إذا لم يباشر القتل بنفسه، بل أمر به غيره ممن تلزمه طاعته. ولو علم ولي القصاص أن الشهود تعمدوا الكذب وأن القاضي علم ذلك منهم، ثم باشر قتل قاتل وليه بهذا الحكم لكان عليه القصاص أن اعترف بالعمدية، والشاهد معه كالشريك.
الطرف الثاني: الحدود.
وإذا رجع الشاهد قبل الحكم ردت شهادتهم وحدوا، وإن رجعوا بعد إقامة الرجم، فإن اعترفوا بتعمد الزور حدوا، ثم هل يقتلون، أو تؤخذ الدية من أموالهم، قولان لأشهب وابن القاسم، وإن لم يتعمد فالدية على عواقلهم.
فروع:
الفرع الأول: إذا شهد أربعة بالزنى ثم رجع أحدهم قبل الحكم حدوا، ولو كان رجوعه بعد الحكم وإقامة الحد على الزاني لحد الراجح بغير خلاف.
واختلف هل يحد الباقون، لأن الزنى لم يثبت بأربعة أو لا يحدون لأن الحكم نفذ بشهادتهم وهم الآن باقون عليها لم يكذبوا أنفسهم؟
الفرع الثاني: لو كان الشهود ستة فرجع اثنان منهم، لم يحد الباقون لاستقلال الحد بشهادتهم وهم لم يرجعوا عنها. واختلف قول ابن القاسم في وجوب الحد على من رجع.
وسبب الخلاف: النظر إلى أنهما معترفان بالقذف ومقران بأن من شهد معهما شهدوا بزور، أو النظر إلى أنهما كالقاذفين شهد لهما أربعة بأن المقذوف زنى، قال الإمام أبو عبد الله:"والتحقيق أن يكشف الراجعان، فإن قالا: إنهما كذبا وكذب من شهد معهما، حدًا، وإنقالا: لا نعتقد كذب من شهد معنا بل الغالب صدقهم لعدالتهم عندنا لم يحدا".
الفرع الثالث: لو انكشف بعد رجوع الاثنين أن أحد الأربعة الذين بقوا عبد فقال في كتاب محمد: يحد الراجعان، ويغرمان ربع الدية لكون الحد أقيم بأربعة بطل أحدهم بكونه عبدًا، ولا غرامة على العبد لأنه لم يرجع عن شهادته، ولكن عليه الحد لأن الشهادة لم تتم، ولا يلزم الثلاثة حد ولا غرامة. ولو لم يشهد عليه إلا أربعة فرجم بشهادتهم ثم وجد أحدهم عبدًا، فإن عليهم الحد أجمعين للقذف، وعلى العبد نصف حد الحر. قال الإمام:"وهذا قد يعترض بأن العبد إذا حد لأن الشهادة لم تتم بأربعة، فكذلك يجب الحد على الأحرار الثلاثة أيضًا. قال: "ويفرق ههنا بين بطلان شهادة الرابع الحر برجوعه وبين بطلان شهادة العبد، لأجل أن العبد لم يرجع عن شهادته فيوهن شهادة الثلاثة، وإنما ردت شهادته شرعاً.