الفرع الرابع: إذا رجع من لستة اثنان بعد إقامة الحد فقد تقدم حكمهما، فلو رجع ثالث لزمه غرم ربع الدية، يدخل معه فيه من سبقه بالرجوع قلوا أو كثروا، مع الحد على كل واحد منهم، سواء رجعوا معًا أو مفترقين. فإن رجع آخر، أيضًا لزمه ربع الدية، يشاركه فيها كل من رجع قبله ويشركهم فيما غرموا قبله، فيصير نصف الدية بين جميعهم على عددهم، فإن رجع ثالث لزمه مع كل من رجع قبله ثلاثة أرباع الدية.
الفرع الخامس:(إذا رجم المشهود لعيه، فلما فقئت عينه في الجرم رجع واحد من الستة ثم تمادى الرجم عليه، فأوضح موضحة، فرجع ثان ثم تمادى الرجم عليه فمات فرجع ثالث، فقال محمد: إنه لو يرجع هذا الثالث ما كانعلى من تقدم من رجوعه شيء، وأرى على الراجع الأول سدس دية العين، وعلى الثاني مثل ذلك وخمس دية الموضحة، وعلى الثالث ريع دية النفس فقط، قال: وقيل مضافاً إلى السدس والخمس المتقدمين، والأول أصح).
الفرع السادس: إذا شهد أربعة بالزنى واثنان بالإحصان، ثم رجع الجميع، فهل يختص غرم الدية بالأربعة أو يعمم الجميع؟، قولان:
القول الأول: قول ابن القاسم واختاره سحنون وأصبغ، ووجهه أن شهادتهم لم تباشر ما يوجب الحد، لأن السبب هو الزنى، وشهوده مختارون لأداء الشهادة، إذ لو شاءوا لم يشهدوا.
والقول الثاني: ذهب إليه أشهب وابن الماجشون ومحمد، ووجهه أن السبب مركب [من مقتضى الشهادتين، إذ لو انفردت الشهادة بالزنى عن الشهادة بالإحصان لم تقبل.
ثم [إذا فرعنا] على القول الثاني فهل تقسم الدية على آحاد الجنسين فتكون بينهم أسداسًا أو على الجنس فيكون على كل جنس نصفها، فيخص كل واحد من الأربعة ثمن الدية، وكل واحد من الاثنين ربعها؟ قولان، أيضًا:
الأول: لأشهب وعبد الملك، ووجهه أن الستة اشتركوا في الموجب للحد وأيهم قدر عدمه بطل الموجب، فكانوا كلهم فيه سواء.
والقول الثاني: لمحمد، ووجهه أن الموجب مركب من وصفين: الزنى والإحصان، والمقصود بعدة الشهود إنما هو ثبوت كل واحد منهما، وليس العدد بمقصود في نفسه فعتبر، وإنما يعتبر المقصود وهو ثبوت الوصفين.