وشرط كونه مضمونًا بالقصاص أن يكون معصومًا، والعصمة بالإسلام، والجزية والأمان ينزلان منزلته، والحربي مهدور، والمرتد كذلك. قال سحنون:"لا قصاص ولا دية على قاتل المرتد، إلا الأدب في افتياته على الإمام" وقاله أشهب. وكذلك من قتل زنديقًا أو زانيًا محصنًا، أو قطع سارقًا قد توجه عليه القطع، لأن هذه حقوق، لابد أن تقام، ولا تخيير فيها ولا عفو.
فأما من عليه القصاص فمعصوم في حق غير المستحق، فإن عدا عليه أجنبي فقتله، فدمه لأولياء المقتول الأول، ويقال لأولياء المقتول آخرًا: أرضوا أولياء الأول وشأنكم بقاتل وليكم في القتل والعفو، فإن لم يرضوهم فلأولياء الأول قتله أو العفو عنه، ولهم أن لا يرضوا بما بذل لهم من الدية أو أكثر منها.
وروى ابن عبد الحكم في المختصر: أنه لا دية لأولياء المقتول أولاً ولا قود، لأنه قد ذهب حقه، بمنزلة ما لو مات القاتل. قال عبد الله: والأول أعجب إلينا.
ولو كان القتل الثاني خطأ لكان الخلاف في الدية كالخلاف في القود. والعين واليد بمنزلة النفس في ذلك.
فأما من فقأ عين رجل ففقأ آخر عين الفاقئ ثم مات الفاقئ الثاني فلا شيئ للمفقوء الأول. ومن قطع يد رجل من المنكب، ثم قطعت يد القاطع من الكف، فالأول مخير إن شاء قطع كف قاطع قاطعه، وإن شاء قطع من الممنكب بقية يد قاطعه. ولو قتل زيد عمراً عمدًا، فحبس زيد للقتل، ففقأت رجل عينه أو جرحه في السجن عمدًا أو خطأ، فله القود في العمد، والعقل في الخطأ، وله العفو في عمده، ولا شيئ لولاة المقتول في ذلك كله، وإنما لهم سلطان على من أذهب نفسه.
وكذلك لو أسلم إليهم للقتل، فقطع رجل يده قبل أن يقتلوه، فله القود بها، ويقتل هو بما قتل. فإنه كان ولي الدم هو القاطع، ففي المجموعة من رواية ابن القاسم وأشهب: أنه يقتص له منه. وروى أصبغ في الواضحة عن ابن القاسم: لا يقاد من أولياء الدم، لا، النفس كانت لهم، وليعاقبهم الإمام.
الركن الثالث: القاتل.
وشرطه أن يكون ملتزمًا للأحكام، فلا قصاص على الصبي والمجنون والحربي.