ويجب على الذمي والسكران، ووراء هذا خصال يتصدى النظر فيها، يفضل القاتل بها القتيل، وهي ست:
الخصلة الأولى: الدين، فلا يقتل مسلم بكافر قصاصًا، ويقتل الكافر بالمسلم والكافر، ويقتل كل واحد من اليهودي والنصراني والمجوسي بالآخر، وبالجملة فكل من لا يقتص له من مسلم لنقصه عنه في الدين فيقتص لبعضهم من بعض وإن اختلفت مللهم وأحاكمهم.
الخصلة اثانية: الحرية، فلا يقتل حر برقيق، ولا من بعضه رق، ولا بمن فيه عقد من عقود الحرية من مكاتب أو مدبر أو أم ولد أو معتق إلى أجل، كما لا تقطع يده بيد أحد منهم. ويقتل الرقيق بالحر إن اختار ذلك أولياؤه، وإن شاؤوا استحياءه فلسيده فداؤه منهم بدية القتيل، وتقتل السمتولدة والمكاتبة ومن فيه عقد من عقود الحرية بمن ليس هو كذلك من الرقيق. وكل من لا يقتص لهم من الحر لنقصان حريتهم بالرق فدماؤهم متكافئة، يقتص لبعضهم من بعض. وإن رجح بعضهم على بعض بعقد من عقود العتق، أو بحصول بعض الحرية، ولا يقتصر من العبد المسلم للحر الذمي، ويخير سيده في أن يفتكه بدينه أو يسلمه فيباع على أولياء القتيل. ويقتص للعبد المسلم منه عند ابن القاسم، في رواية محمد ويحيكي بن يحيي وعبد الملك بن الحسن عنه، ورواه عبد الملك أيضًا عن أشهب. قال: وإن قال سيده: لا أريد قتله وآخذ قيمة عبدي فذلك له. وقال سحنون: إنما عليه قيمته وهو كسلعة. وقال محمد أيضًا: اختلف فيه قول ابن القاسم، فقال: يضرب ولا يقتل. وقاله أصبغ.
قال ابن القاسم: وليس لسيده أن يعفو على الدية، وهو كلاحر يقتل الحر فليس فيه إلا القتل، أو يصطلحان على شيئ.
وقال أصبغ: لا عفو فيه إن كان على حد الحرابة والغيلة، وإلا ففيه العفو الصلح جائز، ويصير كالنصراني يقتل الحر المسلم على العداوة والنايرة، فلأوليائه العفو على الدية أو القتل. قال محمد: وأحب إلي أن يخير سيد العبد، فإن شاء قتل النصراني وإن شاء أخذ قيمة عبده منه، لأنه ماله أتلف عليه، وقاله أصبع.
فرع: إذا صادف القتل تكافؤ الدماء من القاتل والمقتول لم يسقط القصاص بزواله بعد، كالكافرين يقتل أحدهما الآخر ثم يسلم فلا يسقط القصاص بذلك. وكالعبدين يعتق أحدهما بعد أن يقتل الآخر.
الخصلة الثالثة: الأبوة، وهي عند أشهب دارئه للقصاص على الإطلاق، فلا يقتل الأب بابنه عنده بحال. والمذهب أنها إنما تكون دارئة إذا كان القتل على وجه تثبت فيه الشبهة، وذلك إذا أمكن عدم القصد له، وادعى ذلك الأب، وإن كان غيره يقتل بمثل ذلك ولا تسمع دعواه، وهذا كمال لو حذفه بالسيف أو بغيره فقتله، ثم ادعى أنه لم يرد قتله وإنما أراد أدبه، لا،