وجهاده وجميع عمله، لأن اله تبارك وتعالى يقول:(إنما يتقبل الله من المتقين).
قال: وقد أخبرني سحنون بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد العزيز الزاهد، يرفع الحديث إلى عائشة رضي الله عنها قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا رسول الله من المؤمن؟ قال: الذي إذا أصبح سأل من أين فرضيه، قلت: يا رسول الله من المؤمن؟ قال: الذي إذا أمسى سأل من أين فرضيه. قالت: يا رسول الله لو علم الناس لتكلفوه، فقال: قد علموا ذلك، ولكنهم غشموا المعيشة غشمًا". قال الشيخ أبو محمد: يقول: تعسفوا تعسفًا.
ونظر عمر إلى المصلين، فقال: لا يغرني كثرة رفع أحدكم رأسه وخفضه، الدين الورع في دين الله، والكف عن محارم الله، والعمل بحلال الله وحرامه. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أمسى وانيًا من طلب الحلال بات مغفورًا له".
وقال الحسن: الذكر ذكران: ذكر اللسان فذلك حسن، وأفضل منه ذكر الله عند أمره ونهيه.
وقال ابن عمر: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال ولا أحرمها.
قال أبوعبد الله: فعليكم بالنظر في طيب مكاسبكم، والاجتهاد لأنفسكم، ولا تنظر إليها على الغش، فإنكم تفضون بأعمالكم إلى من لا تخفى عليه ضمائركم، فقد بان لكم أن رأس دينكم الورع، وملاك أمركم طيب الكسب، فإن أتيتم فمن قبل الأهواء الزائفة.
وقد خرج أبو عيسى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لكعب:"يا كعب بن عجرة، إنه لا يربو لحم نبت من سحب، إلى كانت النار أولى به".
وخرج عن أبي هريرة أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب. وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين" وذكر الحديث الأول.
قال: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك.
وأما بيان طريق الاجتهاد فيه فبسلوك طريق الورع. قال الشيخ أبو عمران: طريق الورع هو أن لا يكون في الشيئ المقتنى مغمز ولا مطعن.