ويشترط في السلاح أن يكون له حد يجرح ولا يرض، فلو كان لحجر حد أصاب به، فإن أيقن أنه إنما قتل بالحد لا بالرض أكل، وإن لم يوقن بذلك، فقد روى ابن حبيب عن ابن القاسم فيمن رمى صيداً بحجر، مثله يذبح، فقطع رأسه وهو ينوي اصطياده: لا يعجبني أكله؛ إذ لعل الحجر قطع رأسه بعرضه. قال القاضي أبو الوليد:((وهذا يحتمل أن يكون فيما شك فيه من أمره، فليس له أكله، لأنه لا يتيقن ذكاته)). قال:((ولو علم أنه أصابه بحده لجاز له أكله)).
ويشترط في الحيوان أن يكون معلماً، واختلف في صورة التعليم، فقيل: أن يكون إذا زجر انزجر، وإذا أغري أطاع. وقيل: يضاف إلى هذين أن يكون إذا دعي أطاع. وحكى ابن حبيب: أن ذلك في الكلاب، وأما الطير فلا يشترط فيها أن تنزجر إذا زجرت.
قال الشيخ أبو الطاهر:((الذي ينبغي أن يقال في هذا: إن كل ما يمكن من التعليم في سباع الوحش وسباع الطير، فإنه مشترط فيهما)). قال:((والمقصود من ذلك أن ينتقل الحيوان عن خلقه الأصلي حتى يصير مصرفاً بحكم الصائد، فحينئذ يكون آلة له لا صائداً لنفسه)). ولا يشترط في صفة التعليم أن يمسك الجارح ولا يأكل منه.
قال الشيخ أبو الطاهر:((وحكى أبو تمام قوله عن المذهب باشتراطه في سباع الوحش، وإذا كان معلماً فجرحه أو نيبه أكل)).
وإن فات بنفسه فإن مات دهشاً أو بهراً أو ما أشبه ذلك لم يؤكل، وإن مات من صدم الجارح أو ضرب بسيف فلم يجرحه ومات من ذلك، فقال ابن القاسم: لا يؤكل، وقال أشهب: يؤكل.
الركن الثالث: المصيد، أعني: ما يصح اصطياده، وهو كل حيوان مأكول اللحم