معجوز عنه في أصل خلقته، احترازاً عن الناد من الأنعام، لأنها في أصل خلقتها متأنسة، فإذا ندت لم تؤكل بما يؤكل به الوحش. وأجاز ابن حبيب ذلك في البقر خاصة، قال: لأن لها أصلاً في التوحش، وألزمه أبو الحسن اللخمي مثل ذلك في الإبل والغنم على قوله: إنها إذا وقعت في مهواة، ولم يوصل إلى نحرها ولا ذبحها، أنها تطعن في جنب أو كتف.
ولو صار المتوحش مقدوراً عليه، لم يؤكل، إلا بما يؤكل به المتأنس. وكذلك لم رمي فأثخن ولم تنفذ مقاتله. وكذلك لو وقع في موضع لا يطيق النجاة منه، أو انحصر في موضع على هذه الصفة، حتى يمكن تناوله من غير مشقة كبيرة.
(وينخرط في هذا السلك أن يرسل على الصيد كلباً، ثم كلباً، ثم يمسكه الأول، ثم يقتله الثاني إذا كان إرساله بعد أن أمسكه الأول، فإن كان إرساله قبل أن يمسكه الأول، فالمنصوص أنه يؤكل.
واستقرأ أبو الحسن اللخمي مما تقدم في الواقع في موضع لا نجاة له منه: أنه لا يؤكل).
فرع: لو رمى صيداً أو أرسل عليه، فمر به إنسان، وهو قادر على ذكاته، فلم يذكه، فأتى صاحبه فوجده فات بنفسه، فالمنصوص ها هنا أنه لا يؤكل، وأن المار به يضمنه لصاحبه.
وأجرى المتأخرون في الضمان ها هنا قولين مأخذهما: أن الترك فعل فيضمن، أو ليس كالفعل فلا ضمان عليه، وخرجوا على هذا عدة فروع، منها: أن يرى إنساناً تستهلك نفسه أو ماله وهو يقدر على خلاصة فلا يفعل.
ومنها أن تكون عنده شهادة لإنسان، فلا يؤديها حتى يؤدي تأخيرها إلى هلاكه أو هلاك ماله، ومنها أن تكون عنده وثيقة بحق ولا يؤدها حتى يتلف الحق أيضاً.
ومنها أن تجب عليه مواساة أحد من المسلمين، فلا يفعل حتى يهلك.
ومنها أن يجرح إنسان جرحاً جائفة أو غيرها، فيمسك آخر عنه ما يخيط به حتى يؤدي إلى هلاكه، ومنها أن يكون لإنسان بجانب آخر زرع، فلا يسقيه بفضل مائة حتى يهلك. ومنها أن يكون له حائط مائل، ولآخر ما يقيمه به من خشب أو حجر، فلا يفعل حتى يقع الحائط، إلى أمثال ذلك مما ينخرط في هذا السلك.