ولا ينتقل بمجرد العقد. ولا باتصال القبض به على المعروف من المذهب. وذكر محمد بن سلمة أن الفسخ بعد القبض استحسان.
وهذا القول منه يشير إلى أن القياس منع الفسخ بمجرد القبض. ومقتضى هذا أن العقد الفاسد إذا اتصل به القبض نقل الملك. فأما إن تعقب القبض الفوات فإن الملك ينتقل، ويجب المثل في ما له مثل، والقيمة فيما لا مثل له.
ثم النظر في الفوات يتعلق بحكمه وأسبابه.
أما حكمه فنقل الملك كما بينا، وإيجاب المثل أو القيمة. لكن اختلفت الرواية في تعميم هذا الحكم في جميع البياعات الفاسدة ما اتفق على فساده منها. وما اختلف فيه، أو تخصيصه بما كان من الحرام البين، من الربا وغيره. فأما ما كرهه الناس إذا فات فيمضي بالثمن.
والتعميم رواية ابن نافع، والتخصيص رواية ابن القاسم. قال القاضي أبو محمد: والأول أقيس.
وأما أسباب الفوات فأربعة: تغير الذات، وتغير السوق، والخروج عن اليد بالبيع، وتعلق حق آخر بها.
فأما السبب الأول وهو تغير الذات، فهو عامل في جميع أنواع المبيعات الأربعة: العقار، والعروض، والحيوان، وذوات الأمثال:(من) المكيلات والموزونات والمعدودات.
فيفوت العقار بذهاب عينه واندراسه الذي يقوم مقام ذهاب عينه، إذ يستحيل رد العين بعد تلافها.
وتفوت الدور منه بالهدم والبناء، والأرض بالغرس فيها، وقلعه منها، وحفر الآبار، وشق العيون، وما في معنى ذلك، لكون هذه الأحوال يتحول معه الغرض المقصود من العقار.
وتفوت العروض أيضاً بذهاب عينها وتغيرها في (ذاتها)، وكذلك الحيوان وذوات الأمثال.
وأما السبب الثاني فهو تغير السوق، فيختص عمله في المشهور بالنوعين المتوسطين: العروض والحيوان. وأعمله ابن وهب في الأنواع الأربعة.