للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كانا من جنس واحد وهما عين، فلا يخلو أن يتفق النوعان كما إذا كانا ذهباً أو فضة، أو يختلفا كذهب وفضة. فإن تساويا في النوع فلا يخلو أيضاً من أن يتساويا في (الصفة) أو يختلفا. وقد حصل من هذا أقسام.

القسم الأول: أن يتفقا في العين والصفة، ويتصور في هذا القسم اثنتا عشرة صورة، وذلك أن الثمن الثاني لا يخلو من أن يكون مساوياً للثمن الأول أو أقل أو أكثر. ولا يخلو من أن يكون البيع الثاني نقداً أو إلى أجل، والأجل إما (مساو) للأجل الأول، وإما أقل منه وإما أكثر. لكن ثلاث صور منها تدخل في مثلها لتساوي الأحكام، وهي أن يكون البيع إلى اقرب من الأجل، فإنها بمنزلة النقد. ويمنع من هذا القسم صورتان، ويجوز سبع، إحدى الصورتين أن يشتري السلعة نقداً بأل من الثمن. والثانية أن يشتريها إلى أبعد من الأجل بأكثر من الثمن.

والمحاذرة في الصورتين من سلف جر منفعة بتقدير السلعة لغواً، إلا أن يشترط المقاصة فتجوز الصور التسع لارتفاع التهمة. هذا هو أصل المذهب.

وقال أبو القاسم بن محرز: إذا اشتراها بمثل الثمن أو أقل منه إلى أبعد من الأجل وقد أقامت عند مشتريها ينتفع بها، فقد كان القياس أن لا يجوز ذلك أيضاً لأنه إن اشتراها بمثل الثمن إلى أبعد من الأجل فقد أسلف المشتري مائة في مائة، وازداد ما انتفع به من ركوب السلعة أو استخدامها أو لباسها، وإن اشتراها بأقل من الثمن إلى أبعد من الأجل كان بيعاً وسلفاً، وكان قدر ما يرجع إلى المشتري سلف، وما زاد على ذلك يكون ثمناً للإجارة فيما انتفع بالسلعة وصار بيعاً وسلفاً. وكذلك إن اشتراها بأقل من الثمن إلى أقرب من الأجل لأنه يكون إجارة وسلفاً.

قال أبو القاسم: ولم أر أحداً يذهب إلى هذا، وإنما يعتبرون بصورة الحال عند العقد الثاني، إلا أن أبا الفرج ذكر في كتابه عن عبد الملك بن الماجشون أنه قال: لا يجوز أن يبيع الرجل سلعة بثمن إلى أجل، ثم يشتريها بذلك الثمن أو بأكثر منه إلى أبعد من الأجل. قال أبو القاسم: ولا أعلم له وجهاً إلا ما ذكرت من الانتفاع بالسلعة.

القسم الثاني: أن يختلف نوعا الثمنين كذهب وفضة.

فإن كان البيع الثاني مؤجلاً منع مطلقاً، لأنه تعاقد على صرف بتأخير، وإن كان نقداً فإن كان المنقود أقل من صرف المتأخر منع قولاً واحداً، وإن كان مثله فأكثر فقولان منصوصان: المنع مطلقاً، قاله أشهب، لأنه صرف مستأخر. والمنع إن كان المنقود مثل صرف المتأخر أو

<<  <  ج: ص:  >  >>