مقارباً له، والجواز إن كثر المنقود جداً حتى يسلما من التهمة، وهو مذهب الكتاب.
ومثاله: من باع سلعة بأربعين درهماً إلى شهر، ثم اشتراها بدينارين، وصرف الدينارين أربعون درهماً، إنه لا يجوز. فإنه اشتراها بعشرين ديناراً جاز، لأنهما سلما من التهمة.
واستقرأ أبو الحسن اللخمي قولاً ثالثاً، أنه يجوز وإن كان الشراء بدينارين. قال: وهو أحسن، لأنه يخسر الصبر، ولا يعود إلى يده أكثر مما خرج منها)).
القسم الثالث: أن يتساوى نوع الثمن وقدره في العقدين وتختلف عينه بالجودة والدناء، فإن تعجل الأفضل وتأجل الأدنى جاز على مقتضى المعروف من المذهب لبعد التهمة، وإن كان بالعكس منه لأن محصول أمرهما دفع أقل ليأخذ أكثر مع ما يدخله من المبادلة بالتأخير.
وكذلك إن تساوى الأجلان فالمذهب أيضاً المنع، لأن المقاصة ها هنا لا تمكن، وتصير الذمتان مشغولتين بذهبين مختلفين، فهو تعاقد على مبادلة ذهب بخلافه إلى أجل. وكذلك إن كان أجل الثمن الثاني أبعد من أجل [الثمن] الأول فأحرى بالمنع، لأنه تعاقد على مبادلة بتأخير.
القسم الرابع: أن يكون الثمنان طعاماً، ولا يخلو أيضاً أن يكونا من نوع واحد أو من نوعين. فإن كانا من نوع واحد تصورت فيهما الصور التسع. ومنع منها صورتان وهما: أن يكون البيع الثاني نقداً بأقل من الثمن الأول، أو إلى أبعد من الأجل بأكثر منه. وتجوز خمس صور بلا خلاف: ثلاث منها أن يكون البيع إلى الأجل الأول بمثل الثمن أو أكثر أو أقل، واثنتان: أن يكون البيع بمثل الثمن نقداً أو إلى أبعد من الأجل، ويختلف في الإثنين الباقيتين، وهما أن يكون البيع بأكثر من الثمن نقداً أو بأقل منه إلى أبعد من الأجل.
وإنما سبب الخلاف في هاتين: المحاذرة من الضمان بالجعل هل يقصد في الغالب أم لا؟. وإن كان الطعامان من نوعين مختلفين فحمهما حكم العينين المختلفين.
القسم الخامس: أن يكون الثمنان عروضاً، ولا يخلو أيضاً من أن تكون من جنس واحد أو من جنسين مختلفين. فإن كانت من جنس واحد فإذا تصورت الصور التسع منع منها اثنتان قولاً واحداً وجازت خمس كذلك. واختلف في اثنتين كما تقدم لأن العروض كإطعام في الضمان. وإن كان الثمنان من جنسين فلا خلاف ها هنا في الجواز، إذ لا ربا في العروض.