فمذهب ابن القاسم أن ذلك يقطع الخيار. ومذهب أشهب (أن ذلك) ليس بقاطع له.
قال بعض المتأخرين: وهو خلاف في شهادة هل ذلك دال على قطع الخيار فيكون قاطعاً أو هو محتمل فلا يكون قاطعاً؟
والاعتماد في هذا القسم على ما يظهر من قرينة الحال. قال سحنون: وكل ما يعد من المشتري قبولاً فهو من البائع إذا كان له الخيار فسخ.
قال أبو الحسن اللخمي:((ولا يجري ذلك مطلقاً، لأن الغلات للبائع، فإذا آجر أو أسلم للصناعة فإنما فعل بملكه ما يملكه)). قال الشيخ أبو الطاهر: وهذا الذي قاله أبو الحسن يختلف الأمر فيه، فإن طول الإجارة ومدة التعليم، فيظهر مع هذا أنه قصد الرد.
فرع: لو ابتاع عبداً بأمة بالخيار، ثم أعتقهما معاً في مدة الخيار تعين العتق في الأمة، لأنها باقية على ملكه، ويلزم من عتقها رد العبد، فلا ينفذ عتقه.
فإن قيل: ما حكم من طرأ عليه في أيام الخيار ما يمنعه من الاختيار بالإمضاء أو الرد؟.
قلنا: قد تقدم أن بانقضاء المدة من غير إحداث ما يقتضي الاختيار يلزم البيع وينتهي الخيار.
وهذا مع سلامة من شرط له الخيار إلى انقضاء أمده. فأما إن طرأ عليه ما يمنعه من الاختيار فلا يخلو أن يطرأ عليه ما لا يرجى زواله كالموت أو ما يرجي زواله كالجنون والإغماء.
فإن مات في المدة فإن الحق ينتقل إلى وارثه، فإن اختلف الوارث فليس لمن أجاز التمسك إلا بالجميع. وأما إن جن فالسلطان ينظر له في الإجازة والفسخ.
واختلف إذا أغمي على المشتري. فقال ابن القاسم:((يوقف حتى يفيق. وليس للسلطان أن يأخذ للمغمي عليه لكون الإغماء مرضاً يرجى زواله عن قرب، فلم يكن له الشراء لرشيد حال بينه وبين النظر لنفسه حائل يرجى زواله عن قرب. فإن طال به الإغماء فسخ البيع للضرر الذي يلحق الآخر في إيقاف صفقته)).
وقال أشهب: له أن يقيم له من يجيز أو يرد في مدة الخيار قياساً على من جن. إلا أن تمضي مدة الخيار قبل أن يعثر على ذلك فلا بد من فسخ البيع.