باستعجال البيع فحمل بيعهم على البراءة لأجل ذلك، بخلاف بيع الإنسان مال نفسه.
المانع الثاني: فوات المعقود عليه حساً بالتلف، أو حكماً بالعتق ونحوه من الاستيلاد والكتابة والتدبير. فلو اطلع على عيب بالعبد بعد فواته فلا رد إذ لا مردود. وإذا عجز عن الرد فله الأرش، وهو الرجوع إلى جزء من الثمن يعرف قدره بمعرفة نقصان العيب من قيمة المعيب، فيرجع من الثمن بمثل نسبته.
فرع: فإن كان العذر رد عين المبيع مع بقاء الملك فيه لتعلق حق به، كالمستأجر والمرهون، فقال ابن القاسم: يرده متى عاد إلى يده.
وقال أشهب: إذا لم يخلصه من الرهن معجلاً ولا من الإجارة، حكم له بقيمة العيب.
واختار ابن حبيب مذهب أشهب إذا بعد زمن تخليصه من الإجارة والرهن. ومذهب ابن القاسم: إذا قرب ذلك كالشهر ونحوه.
وإذا كان تعذر الرد لعقد انتقل به الملك إلى غيره، فإن كان بغير معاوضة كالعطايا رجع بقيمة العيب، وإن كان بمعاوضة كالبيع وما في معناه، فإن كان من البائع وقد أخذ منه فيه الثمن الأول فلا كلام له، وإن أخذ منه دونه استتم ما بقي منه.
وإن باعه له بأكثر منه فإن كان مدلساً، أعني البائع الأول، فلا رجوع له، وإن كان غير مدلس رد على البائع الثاني، ثم رد عليه ليرجع له ما زاد على الثمن الأول.
وإن كان البيع من غير البائع فروى ابن القاسم بلاغاً أنه لا يرجع بشيء.
قال ابن القاسم: لأنه في بيعه على وجهين: إن باع بمثل الثمن فقد عاد إليه ثمنه. وإن باع بأقل فإن النقص لم يكن لأجل العيب.
وقال أشهب: إذا باع ذلك ولم ينقص منه لم يرجع بشيء، وإن نقص منه شيئاً كان له أن يرجع (عليه) بالأقل مما نقص أو من قيمة العيب.
وروي أيضاً أنه إن كان لم ينقص من الثمن في البيع لم يرجع بشيء، إذ ماله عند الرد إليه. وإن نقص من الثمن الذي اشترى به كان البائع مخيراً بين أن يكمل له الثمن أو يعطيه قيمة العيب من الثمن الذي قبض منه.
وكأنه في هذه الرواية قدر المبيع فائتاً في حق البائع خاصة، فخيره إن شاء جعله قائماً فأكمل له ما نقص من الثمن إذ ليس له سواه، وإن شاء جعله فائتاً فأعطاه قيمة العيب.
وما قاله في هذه الرواية هو مذهب أشهب، وهو اختيار ابن حبيب. وقال مالك في المختصر: يقضي للمشتري بقيمة العيب، وهو تقدير للفوت في حقهما جميعاً، كالحكم في