للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المدينة، أو سرقة الرغيف، فيوجد بنقب، أو قد أبق إلى مثل مصر أو الشام من المدينة، فلا يبرأ حتى يبين أمره.

تقرير: قال أبو القاسم بن الكاتب: لم يختلف قول مالك في أن بيع السلطان على المفلس أو لقضاء ديون من تركة ميت بيع براءة وإن لم يشترطها. قال: وإنما كان كذلك لأنه حكم منه بالبيع، وبيع البراءة مختلف فيه، فإذا حكم السلطان بأحد أقوال العلماء لم ترد قضيته عند من يرى خلاف رأيه فيما حكم به.

قال الإمام أبو عبد الله: قول أبي القاسم بن الكاتب فيه نظر عندي، فإن السلطان لم يتعرض في البيع إلى خلاف ووفاق، ولا قصد إلى حكم بإنفاذ بيع على البراءة، فينفذ حكمه، وإنما فعل في نفسه فعلاً أوجبه الشرع عليه. ثم حكى عن بعض أشياخه أنه يرى إثبات الخلاف في بيع البراءة، ولو كان السلطان هو الذي يتولى البيع، وأنه تعلق في ذلك بقول سحنون، وكان قوله القديم أن بيع السلطان وبيع (المواريث) لا قيام فيه بعيب ولا بعهدة. قال: فقوله: كان قوله القديم، إشارة منه إلى أن له قولاً آخر، ويتعلق أيضاً بقول ابن القاسم؛ إذا بيع عبد على مفلس، فللمشتري أن يرد بالعيب. قال: ففي هذا أيضاً إثبات الخلاف في بيع السلطان.

قال الإمام: وأما بيع الورثة لقضاء ديون وتنفيذ وصايا، فإن فيه الخلاف المشهور.

قال: فاقتصر مرة على ثبوت البراءة في بيع السلطان خاصة. وأضاف مرة إلى ذلك بيع أهل الميراث، ومراده من ذلك ما باعوه لقضاء دين أو نفاذ وصية. وأما ما باعوه لأنفسهم للانفصال من شركة بعضهم لبعض فلا حق ببيع الرجل مال نفسه بالبراءة. وكذلك من باع للإنفاق على من في ولايته.

فرع مرتب: إذا قلنا بأن بيع السلطان بيع براءة، فظن المشتري أن البيع واقع ممن لا تنفذ أحكامه، بل هو بيع رجل مال نفسه، فإنه لا يسقط مقاله في العيب، ويكون بالخيار بين أن يتمسك بالمبيع على البراءة من العيوب أو يرده. وقيل: لا مقال له في العيوب.

وحمل هذا القول على أن قائله ادعى ما لا يشبه لكونه بيع السلطان مما لا يخفى لكونه في غالب العادة إنما يكون في مجمع واحتفال، وإنما حمل بيع الورثة لقضاء دين أو إنفاذ وصية على بيع البراءة لكون الديون كالوصايا يجب إنفاذها، ومن حق أهلها أن [تعجل] لهم حقوقهم إذا طلبوها، والسلطان والورثة والوصي غير عالمين بأحوال المبيع وهو مطالبون

<<  <  ج: ص:  >  >>