بالعيب. ومقتضى ذلك جواز بيع البراءة في العروض وسائر التملكات، لكن من قصر ذلك على الحيوان رأى أن الحيوان تتلون أحواله بالصحة والسقم، ولا يكاد يحاط بعيوبه، فيقوى تصديق البائع بأنه جهل العيب الذي فيه، حتى يعتقد أنه استوى علمه وعلم المشتري في العيب، بخلاف العروض.
وأما قصر ذلك على الحيوان الناطق فعلل بأمرين متقابلين: أحدهما أن الرقيق يخبر عن نفسه، لكونه من ينطق ويعرب عن نفسه، فإذا لم تقع منه شكوى لما أصابه من المرض لم يعلم سيده ما به، فعذر بكونه جاهلاً بالعيب وصدق فيما قال.
والأمر الثاني أن الرقيق يكتم عيبه ويستره عن سيده مخافة أن يزهد فيه فيبيعه، فعذر سيده في جهله بعيبه، وصدق في أنه لم يعلم، بخلاف البهائم التي لا تكتم عيبها.
فروع: الأول: إذا قلنا: إن (بيع) شرط البراءة ينفع فبيع السلطان وبيع الميراث إذا علم أنه ميراث جار مجرى بيع البراءة وإن لم يشترط.
الفرع الثاني: حيث قلنا: إن البراءة تنفع، فإنما منفعتها في دفع الرد بعيب لم يعلم به البائع دون ما علم به كما تقدم، فلو ادعى على البائع العلم فاعترف رد عليه.
وكذلك إن طلب باليمين حين توجهت عليه فنكل عنها. وإن حلف فلا رد عليه به.
واختلف إذا باع الإنسن مال نفسه، هل يسوغ له أن يبيعه بالبراءة وإن لم يختبر المبيع وإنما باعه بحدثان ملكه، أو لا يسوغ له ذلك إلا بعد اختبار المبيع؟ فالمشهور أنه لا ينفعه التبري من العيوب إلا بعد اختبار المبيع.
قال في الكتاب، في التجار يقدمون بالرقيق فيبيعونه بالبراءة ولم تطل إقامة الرقيق عندهم:((هؤلاء يريدون أن يذهبوا بأموال الناس باطلاً، لا تنفعهم البراءة)).
وقال عبد الملك وغيره: تنفعهم البراءة في ذلك.
الفرع الثالث: إذا تبرأ البائع من عيب، وذكره في جملة عيوب ليست موجودة في المبيع لم تنفعه البراءة، حتى يفرده بالبراءة منه، ويعين موضعه، ويعلمه جنسه ومقداره ظاهراً وباطناً، فلا يبقى للمبتاع فيه قول، وكذلك لو اقتصر به على مشاهدة لا تقتضي الإحاطة به، أو تبرأ إليه منه بخبر ولفظ فيه احتمال لم يبرئه ذلك، كما لو باعه بعيراً وتبرأ إليه من دبرته، وهي منغلة مفسدة فأراه إياها، ولم يذكر ما فيها من نغل وغيره، فلا يبرأ حتى يذكره.
وكذلك لو تبرأ في العبد من إباق أو سرقة، والمبتاع يظن إباق الليلة، أو إلى مثل العوالي