أتلفها أكثر من منافعها، كمن قطع ثوباً نفيساً قلانس أو خرفاً صغاراً أو شبه ذلك.
فأما لو تصرف فيها التصرف المعتاد، كما إذا فصلها أقمصة ونحوها مما جرت به عادة مثله في مثلها، فله الرد بغير أرش لما صنع فيها، إذ هو سلطة على هذا الفعل فيها.
ولو كان الهلاك بسبب العيب المدلس [به] لرجع المبتاع بجميع الثمن كمن دلس في عبد بالسرقة فسرق عند المبتاع فقطعت يده، فله رده بغير أرش للقطع.
وكذلك من دلس بالإباق، فأبق العبد عند المبتاع، فكان إباقة سبب هلاكه، مثل أن يخشى أن يدركه الطلب فيتردى من جبل فيهلك، أو يتوارى في غار، فيكون ذلك سبب هلاكه فإنه يرجع بجميع الثمن.
ولو باعه المبتاع فأبق عند المبتاع الثاني، فهلك بسبب إباقه، لرجع الثالث على الأول بجميع الثمن، إلا أن يزيد على ما دفع الثالث للثاني، فيكون له أو ينقص عنه، فيكمله الثاني.
قاله ابن القاسم، وكأنه قدر أن الثالث، وإن لم يدلس عليه من باشر البيع له، فإن المدلس على من باع منه يقدر مدلساً عليه، لأنه يقول: لو (أعلمت) الأوسط بالإباق لأعملني به فلم اشتره منه، أو كان مدلساً علي، فأنت سبب إتلاف الثمن علي.
وقال أصبغ: يؤخذ الثمن من الأول، فيدع للثالث منه قيمة العيب [التي] يستحقها على الثاني لو انفرد به، ويسلم بقيته للأوسط.
وقال محمد: لا تأثير لتدليس الأول على الثاني إذا لم يضره، وليس له عليه شيء إلا أن يرجع عليه الثالث بالأرش، فيكون (على الأول للأوسط) الأقل مما غرم للثالث، أو إكمال الثمن الذي دفعه أو قيمة العيب من الثمن الذي دفعه أيضاً.
وكذلك يجب أن يكون للثالث أن يرجع ها هنا على الأول المدلس بما كان يرجع به عليه الثاني، إذا طالبه الثالث بالواجب عن الأرش. ويتم الغرض من هذا القسم بذكر فروع.
الأول: إذا ابتاع حلياً بخلاف جنسه نقداً فوجد به عيباً فما دفع البائع للمشتري في الأرش من جنس المبيع أو من سكة الثمن جاز عند ابن القاسم وأشهب.
وإن دفع ما يخرج عن جنس المبيع وسكة الثمن لم يجز عند ابن القاسم، وأجازه أشهب.
وقال سحنون: لا يجوز أن يأخذ منه شيئاً من جنس المبيع، وهي مسألة سوء لا يجوز الصلح فيها بوجه.