وسبب الخلاف: أن ابن القاسم رأى أن المبيع ما حصل في يد المبتاع من الحلي، وما أخذ منه من جنسه، وأن البيع إنما وقع بما بقي من الثمن. وعد ما أخذ كالمقبوض حالة العقد ما لم يدخلا على التأخير.
وجرى أشهب على أصله في أن الصلح إنما وقع على أن لا يرد الحلي بالعيب.
وأما سحنون فرأى أنه كصرف تأخر، لأنه دفع حلياً بالأمس مثلاً ودفع اليوم شيئاً من جنسه وأخذ عنهما جميعاً بالأمس خلاف جنسهما، وتأخر بعض الصرف لا يجوز.
الفرع الثاني: إذا كانت الزيادة الحادثة صبغاً في الثوب، ثم اطلع على العيب، فله حبس المبيع وأخذ قيمة العيب أو رده ويكون شريكاً بما زادت (الصبغة) لا بقيمة (الصبغة) ولا بما ودى فيها، وسواء دلس في هذا أم لا. ولو كان الصبغ منقصاً لكان له ردها بغير مغرم، إن كان البائع مدلساً أو الحبس وأخذ الأرش. فإن كان غير مدلس كان كعيب حدث، وقد تقدم حكمه.
الفرع الثالث: حيث تعين الأرش للمبتاع أو اختاره إذا ثبت له الخيار، وافتقرنا في ذلك إلى معرفة القيمة، فإنها إنما تعتبر يوم دخول المبيع في ضمان المبتاع وإن كان البيع صحيحاً.
وكذلك لو أراد المبتاع الرد مع أرش العيب الحادث لكان التقويم يوم العقد فيما يضمن بالعقد.
وقال أحمد بن المعذل: إنما يضمن ها هنا بالقيمة يوم الرد، بخلاف المسألة الأولى.
الفرع الرابع: في تبعيض العقد من ناحية تعدد من باع أو من اشترى. وتعدد البائع لا يمنع من رد المشتري على أحد البائعين ما يخصه من المبيع والتمسك بحصة غيره، (فتتعدد) الصفقة بتعدد البائع. وأما تعدد المشتري فاختلفت فيه (الرواية):
فقال مالك في رواية: إن أحد المشتريين يتمكن من رد نصيبه على البائع، وإن للبائع لمقالاً. وقال في رواية أشهب: إنه لا يمكن من ذلك.
وسبب الخلاف: النظر إلى أن هذه الصفقة هل تكون في حكم الصفقتين وتتعدد بتعدد المشتري، كما تتعدد (الصفقة) بتعدد البائع أم لا؟.
فأما تعدد المبيع، فإن كان مما لا يفترق في العادة كالخفين والمصراعين وشبه ذلك فليس له تخصيص أحدهما بالرد وإن اختص بالعيب، بل إما ردهما جميعاً وإما أمسكهما جميعاً.