وكذلك رفعه الوديعة عند زوجته أو خادمه التي عادته أن يرفع عندها متاعه، أو أجبره في عياله، لا يضمن به لأنه شأن الناس. وقال أشهب: إن أودع إلى عبده أو أمته ضمن. وكذلك أجبره في عياله.
ومن أودع في السفر، فأودع (ضمن)، بخلاف الحاضر يسافر. ومن مات وعنده وديعة لم يوص بها ولم توجد في تركته أخذت من ماله.
الثاني: نقل الوديعة، فإن نقلها من بلد إلى بلد ضمن. قال مالك في امرأة ماتت بالإسكندرية [فكتب] وصيها إلى ورثتها وهم ببلد آخر، فلم يأته منهم خبر، فخرج بتركتها إليهم فهلكت في الطريق فهو ضامن.
قال أشهب وعبد الملك: وأما إن استودع جراراً فيها أدام، أو قوارير فيها دهن، فنقلها من موضع في بيته إلى موضع، فتكسرت في ذلك فلا يضمن.
ولو سقط عليها من يده شيء فانكسرت، أو رمى في بيته وهو يرد إصابة غيرها، فأصابها فانكسرت، ضمن لأنها جناية لم تتعمد. (قال) أشهب في كتابه: ولو سقطت من يده فانكسرت لم يضمن.
الثالث: خلط الوديعة بما لا تتميز عنه مما هو غير مماثل لها، كخلط القمح بالشعير وشبهه. (فأما) خلطها بجنسها المماثل لها جودة ورداءة، كحنطة بمثلها، أو ذهب بمثلها، أو بما تتميز عنه ولا تختلط به، كذهب بورق، فلا يضمن ذلك.
الرابع: الانتفاع. فإذا لبس الثوب أو ركب الدابة فهلكت في حال الانتفاع ضمن. وكذلك إن سلف الدنانير والدراهم أو غيرهما مما يكال أو يوزن، فهلك في حال تصرفه فيه. ولو رد مثلها مكانها ثم هلك المثل، فقال يحيى بن عمر: اختلف قول مالك في الذي ينفق من وديعة عنده شيئاً، ثم يرده، فقال: لا شيء عليه. وأخذ بهذا ابن القاسم وابن عبد الحكم وأشهب وأصبغ. وقال أيضاً: إن ردها بإشهاد برئ، وإلا لم يبرأ. وبهذا أخذ ابن وهب.
وقال أيضاً: لا يبرأ وإن أشهد، لأنه دين ثبت في ذمته. وهذا قول أهل المدينة من أصحابه، وروايتهم عنه، ورواه المصريون ولم يقولوا به. وقال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: إن كانت مربوطة أو مختومة لم يبرأ إلا بردها إلى ربها. وإن تسلف بعضها ضمن جميعها، لأنه متعد في حلها. وكذلك إن أخذ الدراهم ليصرفها في حاجته ضمن.