ولو استودعها منثورة فتسلف منها ثم تلقت، لم يضمن غير ما تسلف. وهو مصدق في رد ما تسلف منها، ولو تلفت بعد أن ردها لم يضمن شيئاً. وفي كتاب الشيخ أبي إسحاق: من أودع وديعة، وقيل له: تسلف منها إن شئت، فتسلف منها وقال: رددتها؛ فهذا لا يبرئه رده إياها إلا إلى ربها، لأن هذا مقترض لم يؤد ما اقترض.
وأما ما لا مثل له من الثياب والحيوان وسائر العروض فلو تسلفه ثم رد مثله وفي صفته لم يبرأ، مذهباً واحداً. واختلف في تسلف الوديعة فمذهب الكتاب:((الكراهة)). وروى أشهب: إن كان له مال فيه وفاء وأشهد على ذلك، فأرجو أن لا بأس به. هذا حكم تسلفها إذا كانت دنانير أو دراهم، وهو ملي.
فأما إن كانت عروضاً فلا يجوز بوجه و (أما) إن كانت مما يكال أو يوزن، ولا يكثر الاختلاف فيه، كالطعام ونحوه، فهل يلحق بالنقود أو بالعروض التي تختلف آحادها؟ قولان.
ولو كان معدماً لم يكن له أن يتسلفها بوجه.
الخامس: المخالفة في كيفية الحفظ. فلو سلم إليه صندوقاً، وشرط عليه ألا يقفل عليه قفلاً (ففعل)، ضمن للشهرة. ولو قال له: أقفل قفلاً واحداً، فقفل قفلين لم يضمن إلا أن يكون في حالة أغرى عليه اللص فيضمن. ولو شرط أن يجعل الوديعة في جرة فخار فجعلها في نحاس ضمن (لأنه) شهرها. (وقيل): لأنه خالف إلى ما يقصد لسرقته. ولو شرط عليه أن يجعلها في نحاس، فجعلها في فخار لم يضمن. ولو سلم إليه دراهم وقال له: اربطها في كمك، فأخذها في يده، فأخذها غاصب في يده لم يضمن، لأن اليد أحرزها هنا، إلا أن يكون أراد إخفاءها عن عين الغاصب، فرآها لما تركا فيضمن، ولو جعلها في جيب قميصه فضاعت، فقال الشيخ أبي إسحاق: يضمن؛ وقيل: لا يضمن والأول أحوط.
السادس: التضييع والإتلاف. وذلك بأن [يلقيها] في مضيعة، أو يدل [عليها] سارقاً، أو يسعى بها إلى من يصادرها فيضمن. ولو ضيعها بالنسيان، بأن تركها في موضع إيداعها ضمنها.