وأما الرقبى: فصورتها أن يقول إنسان لآخر: إن مت قبلك فداري لك، وإن مت قبلي فدارك لي، وحكمها عدم الجواز، لان كل واحد منهما يقصد إلى عوض لا يدري هل يحصل له أو [يحصل] عليه، ويتمنى كل واحد منهما موت صاحبه. وليس كذلك العمرى، لأن المعمر لا يقصد عوضًا عن الذي أخرج عن يده.
قال القاضي أبو الحسن:"وأما لو قال: إن مت قبلك فداري لك، وإن مت قبلي فهي لي، فهذا عند (لا يجوز، لأنها) وصية، إن مات الموصي فهي للموصي له من الثلث، وإن مات الموصي له قبل موت الموصي بطلت الوصية، قال: وهذه صفة الوصايا".
الركن الثاني: الموهوب. وهو كل مملوك يقبل النقل، ولا يمتنع بالشيوع وإن قبل القسمة.
وتصح هبة المجهول والآبق والكلب، وهبة المرهون تفيد الملك، ويجبر الواهب على افتكاكه له. وقيل: ليس عليه أن يجعل الدين إذا حلف أنه لم يرد التعجيل، ويكون المرتهن بالخيار بين أن يرضى بخروجه من الرهن، ويمضي هبته، أو يبقيه إلى الأجل، فإن حل والواهب موسر قضي الدين وأخذ الموهوب له الرهن. وإن كان مم يجهل أن الهبة لا تتم إلا بعد تعجيل الدين حلف على ذلك، ولم يجبر على التعجيل قولاً واحدًا.
وهبة الدين تصح كما يصح رهنه، ثم قبضه كقبضه في الرهن مع إعلام المديان بالهبة.
الركن الثالث: الوهب. (وهو) كل من له أهلية التبرع، فلا هبة لمحجور، وتصح هبة المريض من ثلثه، إذ لا حجر عليه فيه.
وأما الشرط فهو الحوز، وقد روى ابن وهب: أن أبا بكر وعمر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: لا تجوز صدقة ولا عطية إلا بحوز قبض، إلا الصغير من ولد المتصدق فإن إباه يحوز له. وإنما الحوز شرط في التمام والاستقرار، لا في الصحة واللزوم إذا ثبتا بوجود السبب.
وكذلك يجبر الواهب عليه ويحصل من غير تحويزه، بل لا يعتبر علمه به، فضلاً عن إذنه فيه، ولو علم لم يشترط رضاه، لأنه لو منعه قضي عليه به وكذلك لو قهره عليه لصح له بذلك، نعم يشترط حصول الحوز مقارنًا لصحة جسمه وعقله وقيامه وجهه، كما يأتي تفصيل ذلك وعقود المرافق، مثل العارية والقرض، كالهبة في ذلك.