ثم النظر فيما يحصل به الحوز، وحكم ما يصدر عن الواهب مقارنًا له، أو متقدمًا عليه، أو متأخراً عنه، مما يمنع منه أو لا يمنع.
ولنذكر فروع النوعين متوجهة كما ذكرها الأصحاب، ونورد ألفاظهم في ذلك طالت لمسيس الحاجة إلى استيعابها، وذكر ما فيها من الوفاق الخلاف فنقول: إذا مات الواهب قبل الحوز بطلت الهبة بشاهد أو شاهدين حتى يزكيا، فمات الواهب، فقال ابن لقاسم ومطرف وأصبغ: هذا حوز، وقد صحت الهبة. وقال ابن الماجشون: ليس هذا بحوز وقد بطلت.
وأما إن مرض فيبطل القبض ولا تبطل الهبة إلا أن يموت من مرضه ذلك، فإن أفاق صحت ولزمت وأجبر الواهب على الإقباض. وأما إن جن فقال ابن القاسم في العتبية:"بطلت الهبة".
قال الأصحاب: معناه إذا اتصل بالموت، فأما لو أفاق، فالصدقة صحيحة. وقال أشهب: إن وقع القبض في حال مرض الموت، أو في (حال) ذهاب عقل الواهب، قضي له الآن بثلثها، فإن صح قضي له بباقيها. ولا أرى قول من قال: يحوز كلها من الثلث، ولا يقول من أبطل جميعها.
فأما إن استحدث دينًا ففلس، بطلت، والغرماء أحق. ولو بقي في الدار الموهوبة باكتراء أو بإرفاق أو إعمار أو نحوه حتى مات، فليست هذه حيازة وقد بطلت الهبة.
قال ابن القاسم: إلا أن تكون الواهبة زوجة الموهوب له، فيتماديان على السكنى، فإن ذلك حيازة.
ولو وهب الزوج لزوجته ثم (تماديا) على السكنى، لم تصح هذه الحيازة، لأن اليد في السكنى للزوج.
فأما لو وهب أحد الزوجين للآخر خادمًا أو متاعاً من متاع البيت، فروى ابن القاسم فيمن تصدق على امرأته بخادمة وهي معه في البيت تخدمها بحال ما كانت، فذلك جائز.