للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسعي بين الصفا والمروة وبالشهر الحرام وبموقف عرفات. يقسم بهذا كله ويعوذ به أنه لن يتخلى عن محمد بن عبد الله:

كذبتم وبيت الله نترك مكة ... ونظعن إلا أمركم في بلابل

كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... ولما نطاعن دونه ونناضل (١)

ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وينهض قوم في الحديد إليكم ... نهوض الروايا تحث ذات الصلاصل (٢)

ويعلل سبب إعلانه هذه الحرب، ولماذا اتخذ هذا الموقف مع عشيرته

قائلا:

وما ترك قوم لا أبا لك سيدا ... يحوط الذمار غير ذرب مواكل (٣)

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

تلوذ به الهلاك من آل هاشم ... فهم عنده في رحمة وفواضل

ويهاجم بعد هذا بقية بني عبد مناف، من بني أمية وبني نوفل الذين ظاهروا الأعداء عليهم. فإن يستعد فريق من المشركين لخوض معركة مسلحة لحماية فريق من المؤمنين فهذا يعني أن التقدير والحب لهم يفوق كل وصف، فمحمد - صلى الله عليه وسلم - عند أبي طالب ورهطه زعيم بني هاشم، يفدونه بالمال والروح، بالدم والنساء والأبناء (٤).

والحركة الإسلامية وهي تخوض غمار الجهاد، وتواجه الجاهلية العاتية، لا تعدم أن تجد بعض النماذج والتجمعات والقيادات الجاهلية والقبلية مثل بني هاشم وبني المطلب، وتنطلق من الأعراف والقوانين الجاهلية لحماية هذه الحركة.

إن معظم القوانين والدساتير الجاهلية تضع في صلبها حرية الاعتقاد


(١) تُبزى محمدا: تُغلبُ عليه.
(٢) الإبل التي تحمل الماء والأسقية.
(٣) الذرب المواكل: هو الذي يتكل على غيره.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام ٢٩١ - ٢٩٥ متفرقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>