للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوافلهما المارة بالمدينة، وتشاورت الأنصار حين فقدوه أن يكروا إليه، فإذا هو قد طلع عليهم، فوصل القوم جميعا إلى المدينة (١)).

١ - تحركت قريش كالذي أصابه الشيطان من المس، وجاءت مخيم الخزرج، وراح المشركون يحلفون بالله ما فعلوها، وهم صادقون، وراح عبد الله بن أبي ينفي الأمر نفيا قاطعا ويؤكد استحالته فما كان لقومه أن يفتئتوا عليه بمثل ذلك.

وصدق وهو كذوب، فما علم بأن الانقلاب السري الذي تم التخطيط له لا يمكن البوح بأسراره، ولو قطعت الرقاب على ذلك.

ويحضرنا سؤال دقيق في هذا المجال: لماذا لم يعلن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة حلفه ودولته، وقريش تبحث عن الخبر، والمسلمون يلوذون بالصمت، والمشركون يحلفون الأيمان المغلظة على كذب هذا الإدعاء؟ والجواب سهل وواضح غير أن أثره وفقه الدرس فيه يغيب بكل أسف عن أذهاب الشباب في الحركة الإسلامية.

جواب السؤال: هو أن الظروف غير مواتية لهذا الإعلان، وطاقة المسلمين ضعيفة إذا قيست بطاقات مكة والمشركين عامة في أرض مكة. أو إعلان الحرب على دولة الكفر أو إعلان قيام دولة الإسلام، كل هذه الأمور رهينة بالإمكانيات التي تملكها الجماعة المسلمة ضمن التخطيط المنظم المحكم لها. ولا تتحرك هذه الأمور أبدا بالعواطف وردود الفعل. إنما تتحرك بقرار القيادة المناسب للإعلان، والتي تتوخى القيادة فيه الظروف المواتية.

ونود لو يترك شباب الحركة الإسلامية لقيادتها إعلان المواجهة وطبيعتها حسب ما تقتضيه الظروف العامة - العربية والدولية.

ويتحدد هذا الدرس في نقطتين:

النقطة الأولى: هي أن الذي يحدد ميلاد الدولة الإسلامية هو القيادة لا


(١) الرحيق المختوم ص ١٧٠ و ١٧١ و ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>