للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة سواء أكان هذا في أرضها أو غير أرضها، وهذه القضية كثيرا ما تأخذ طابع الاتهام للقيادة بالجبن أو الانحراف لو تأخرت في ذلك.

فبعض الشباب الإسلامي مثلا لا يستطيع أن يتصور قيام انقلاب إسلامي أو حركة إسلامية في أرض أو دولة، إلا وواجب الإعلان عن هوية هذه الثورة، هو الحق وهو الشجاعة، مع أن المصلحة السياسية قد تقتضي أحيانا إرجاء الإعلان عن هوية الانقلاب أشهرا بل سنوات أحيانا. ويرى هؤلاء الشباب أن هذا التأخير هو انحراف عن الإسلام حين لا يتحدث هؤلاء الانقلابيون غير محددي الهوية في الأصل، عن الإسلام، بل يذكرون بعض المبادىء الوطنية للتغطية حتى يتم التمكن والتمكين وهذا تصور خاطىء، وحكم جائر.

إن إعلان قيام دولة الإسلام رهين بالظروف المواتية لذلك حسب تقدير القيادة لا حسب تقدير الأفراد، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أرجأ الإعلان عن هذا التخطيط، لأنه وجد الفرصة غير مواتية في قلب بحر الشرك، وفي مكان غير مركز قوة الأنصار - المدنية. رغم الإحراجات الشديدة التي تعرض لها المسلمون أمام إلحاح قريش بالتأكد من الخبر، فلو أعلن ذلك لكانت قريش قادرة، ومن ورائها الحجيج المشرك أن تذبح هؤلاء السبعين جميعا، وتنتهي قصة الإسلام في الأرض، وحين ترى الحركة الإسلامية أن إعلان هويتها في استلام حكم في مكان ما. قد يفضي بأن تجتاح من العدو من كل جانب، وتستأصل البقية الباقية منها.

وتجربة مدينة حماة كذلك درس قيم لحركة الجهاد الإسلامي، فإعلانها المواجهة المباشرة للسلطة الكافرة، ولم تعد الظروف المواتية لذلك أدى إلى دمار المدينة وسقوط عشرات الألوف صرعى فيها.

النفطة الثانية: هي أن كتمان القيادة بعض الأمور عن أفرادها لا يعني اتهامها بالكذب أو الخداع أو التضليل، حتى لو أتت الظروف المواتية في ظاهر الأمر لذلك. فلم نعلم من خلال السيرة أن المسلمين المهاجرين قد عرفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>