بقضية البيعة عدا أبي بكر وعلي رضي الله عنهما، فلا ضرورة للإعلان عن مثل هذا اللقاء، ومثل هذه البيعة لهم. ما لم يتم تكليف جديد لهم على ضوء هذه البيعة، ولم يجعل هذا الأمر المهاجرين في قلق توتر لكتمان ذلك عليهم حينما عرفوه فيما بعد، فالروايات تذكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد لأي من الزمن، وحين استقرت الأوضاع في المدينة أخبر المهاجرين بقوله: إن الله قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون فيها، فخرجوا إرسالا.
إذن فقد تم إعلامهم بالأمر عندما تقرر فتح باب الهجرة إليهم إلى يثرب.
٢ - ويؤكد هذه المعاني النتائج الصعبة التي ترتبت على تفشي الخبر. مما أوقع سعدا رضي الله عنه في الأسر، وكان يمكن أن يقتل نتيجة هذا الأمر أو تنقل أسرار التنظيم والمبايعة كاملة لقريش لولا لطف الله. ولم يتم الإفراج عن سعد إلا بتدخل من أعلى مستويات قريش. ويمكن أن نتصور الأخطار أكثر أنه كان من الممكن للأنصار أن يعودوا لاستخلاص سعد لولا أن ساقه الله إليهم.
ونلاحظ كذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه لم يتدخلوا لحماية سعد رضي الله عنه لأن هذا يكشف البيعة ويؤكدها بين المسلمين والخزرج، وهو درس كذلك للشباب حين يرون قيادة الحركة تتلكأ في نصر المسلمين نتيجة ظروف قاهرة قد تفوت مصلحة كبيرة لهم.
فالحركة الإسلامية في خطها الجهادي، اقتضت مصلحة الدعوة فيها أن تهادن دولة مجاورة حين التقت مصلحتهما على عدو ثالث. وكان من طبيعة هذه الهدنة أن أمدتها هذه الدولة بالسلاح والتدريب والتحرك على أرضها. وكان من أسس هذه المفاوضات بينهما أن لا تتدخل الحركة بالشؤون الداخلية لهذه الدولة، ومصلحتها في معاملتها للحركة الإسلامية فيها. ونفذ هذا البند بأمانة تامة، رغم أمنية الحركة الإسلامية أن لا يمس أحد من إخوانها بسوء. لكنه شرف المعاملة.