إن عظمة القيادة النبوية وهي تركز على هذه المعاني لتقذف بالكيد في صدر أصحابه وتجعل الإحباط سمة لهذا الكيد. (... تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم ..). ياشباب الدعوة هذا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس قول متهم في دينه يريد أن يبرر مسالمته لعدو كافر.
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاطب هؤلاء الوثنيين بالأسلوب الذي يفهمونه ويركز على أخوة النسب، وهو الذي جاء إلى البشرية جميعها بأخوة العقيدة، ويركز على رابطة الماء والطين، وهو الذي جاء رحمة للعاملين، ويركز على شعور القوم والأهل والوطن بين من؟! بين المسلمين والمشركين. لماذا؟ ليحبط كيدا أكبر من عدو أعظم، ليضيق هوة المعركة، ليخذل بين الأعداء جميعهم، فيجعلهم حلفاءه ضد عدو مشترك واحد.
لقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوثنيين الذين حملوا السلاح ضد المسلمين أن المسلمين أبناؤهم وإخوانهم. ولا ضير في ذلك إن كان فيه تأجيل لمعركة ضارية داخلية بينما تقتضي المصلحة في وقت متقدم التركيز على البراءة من عاطفة الأخوة والقرابة والأبوة وذلك في معركة بدر.
وباء تخطيط قريش بالخذلان والخسران، وحيث توقعوا أن ينتهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يدي المشركين في المدينة. إذ بهم يلقون السلاح جميعا، وينقلبون نادمين على حمله في وجه إخوانهم وأبنائهم.
ونود لشباب الدعوة الإسلامية أن يدركوا هذا المعنى النبوي ويفقهوه. حين يرون قيادة الدعوة في مرحلة من المراحل تبحث عن قاسم مشترك بينها وبين بعض أعدائها لتجعلهم يقفون في صفها ضد عدو أخطر وأكبر. وحين يرون قيادتهم تقبل الحديث عن عاطفة الوطن وعاطفة الأمة، أو يتحدثون عن الضعفاء من الفئات المظلومة. بحيث يمثل القاسم المشترك نقاط لقاء مرحلي مع هذا العدو ضد عدو آخر.