للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله - صلى الله عليه وسلم -سيرا يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا (١)}.

وهناك آيتان أخريان ذكرتا المنافقين في الخندق في سورة النور وهما قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئث واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم (٢)}.

ولو وقفنا عند هذه الآيات وفقهها نلحظ ما يلي:

١ - الفريق الأول: يقولون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا. فهم قد حضروا المعركة وأمام هول الصدمة، وعنف المحنة انهار إيمانهم، وكشفت خبيئة نفوسهم فقالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا. وكتب السيرة تذكر هذا القول أو قريبا منه عن معتب بن قشير إذ قال في ساعات الخوف والزلزلة بعد أن سمع بشريات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفتح المبين لهذا الدين في أقطار الأرض: (يعدنا محمد أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن من أن يذهب إلى حاجته ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا).

وطبيعة هذا القول تشي بأنه قول مخنوق يقال في الخفاء بين مجموعة موثوقة تقبل هذا المعنى على الأقل، ويحسب هؤلاء أن أمرهم لن يظهر، وقولهم لن يكشف. لكن القرآن الكريم لاحق مؤامراتهم وكذبهم إلى كل جحر يلتقون فيه. لكنهم على كل حال يمثلون كل طوائف المنافقين. فلقد تزلزل إيمانهم، واعتبروا أنفسهم متورطين في هذا الإيمان.

٢ - الفريق الثاني: وهو وضع طائفة محددة منهم تذكر حوادث السيرة


(١) الأحزاب: الآيات من ١٣ لـ ٢٠.
(٢) سورة النور الآيتان ٦٢ و ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>