إنه درس عظيم في الحركية الواعية لشبابنا المسلم يتلقونه من هذا الغلام. ونقطة ثالثة في هذا المجال كذلك هي أن معسكر النفاق لم يكن ليأبه بمثل هذا الغلام زيد بن أرقم ومن أجل هذا لم يجد حرجا في الحديث أمامه بكل ما في نفسه وبكل مخططاته. وهذا ما يجعلنا نطمئن إلى أن نفثات معسكر النفاق وأحابيله لا بد أن تظهر بشكل ما في الصف، وعلى الشباب المسلم أن يكون يقظا واعيا لمثل هذه الاتجاهات داخل الصف المسلم.
٥ - وماذا تتصرف القيادة أمام هذه المواقف؟ إن الدرس عام للقيادة والقاعدة، وما أحوجنا إلى التأسي بهذا المنهج جنودا ومسؤولين. لقد وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة احتمالات قبل أن يتبنى هذا القول ويبني عليه.
الاحتمال الأول: أن يكون ناقل الكلام مغرضا. أو صاحب هوى (لعلك غضبت عليه؟ قال: لا والله لقد سمعت منه). ومع أن عبد الله بن أبي هو رأس النفاق وأكبر أعلامه فلم يقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القالة فيه مباشرة وأحب أن يتأكد من صدق الناقل أنه ليس له غرض أو مصلحة أو هوى ضد المنقول عنه. إن الحكم السريع من القيادة والتصديق المباشر دون تحقيق كامل لأسباب هذه الأقوال قد يوقع الجماعة المسلمة في خطأ أكبر من القول نفسه وقد يصدع نقل مغرض وحقد حاقد وغضب غاضب الصف كله إذا كان التسرع في قبول القول ضد أي إنسان لا يزال داخل الصف، مهما كانت الاتهامات ضده.
الاحتمال الثاني: أن يكون ناقل الكلام غير دقيق في نقله. (لعله أخطأ سمعك) فلا يبعد أن يكون النقل خاطئا، فيؤدي إلى زيادة أو نقصان في الكلام يغير المعنى كله، ولا يصل إلى هذا المدى من الخطر، وبالتالي فيتهم القائل بشيء لا أصل له، أو زيد عليه فغير معناه.
لقد كنا كثيرا ما نسمع بعض التعميات من الشباب المتحمسين ضد بعض إخوانهم أو مسؤوليهم أو يقوم شاب بنقل لحادثة عن القيادة مشوهة أو مغلوطة، وبعد أن ينتهي الأخ من غمرة حماسه يسأل: هل أنت متأكد مما تنقله؟ وهل نقل إليك هذا الخبر بهذه الصورة؟ فيقف مليا ليجيب مصححا