للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المقولات كلها عندما تسود الصف المسلم، ويراد منها أن يتميز الصف على ضوئها يعني أن من يقود هذه الأفكار أنه هبط إلى درك النفاق أيا كان شأنه، وأيا كان لونه، وخط النفاق الدائم المستمر هو خط الدعوة إلى التغيير غير الشرعي في الصف الإسلامي والطعن المستمر في القيادة المختارة لتسقط عن طريق القوة، ويحل محلها الثائرون. إننا نفهم الثورة ضد الجاهلية، ونفهم الثورة ضد المحاربين لشريعة الله والمحادين لرسوله وكتابه. لكننا لا نفهمها في الصف الإسلامي الواحد، والحركة الإسلامية الواحدة إلا دورة جديدة من دورات عبد الله بن أبي.

٤ - ولكن كيف كان وضع الصف المسلم في أثناء هذه الحركة المضادة. لقد كان الصف من القوة والتراص والتماسك بحيث يحرق عبد الله بن أبي وعصبته المنافقة. ولقد استطاع فتى صغير من فتيان هذا الصف أن يحبط فتنة هذا الأخطبوط كله، حين نقل كل تفصيلات المخطط الخائن، لمن؟ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مباشرة.

وأي وعي في صف جيش النبوة أعمق من هذا الوعي؟! إنه الغلام زيد بن أرقم بلغ به الوعي الحركي أن يصمت وهو يسمع عبد الله بن أبي ليتحدث بكل ما في نفسه، وبلغ به الوعي الحركي أن يمضي مباشرة إلى القائد الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وحده فيبلغه بما سمع، وبلغ به الوعي الحركي أن لا يحدث بهذا الموضوع أحدا غير رسول الله. وكم نتمنى لا لفتياننا ولا لشبابنا بل للقيادات عندنا أن يكونوا على مستوى هذا الوعي الحركي العظيم.

إنه فتى الإسلام الذي لم يبلغ بعد - أو في سن البلوغ - أدرك هذه المعاني جميعا وحصر الفتنة في مهدها فأبلغ كل تفاصيلها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكان حارسا أمينا على دعوته وحركته. وهذا يعني أن المطلوب من كل أخ أن يكون حارسا أمينا على دعوته وحركته. فينقل كل ما يسمعه من تجريح وطعن أو رغبة في تخريب الصف وتحطيمه إلى قيادته المسلمة دون أن يمضي عن حسن ظن في النقد والتجريح هو كذلك. فيبلبل الصف وهو يقصد إصلاحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>