كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها (١)). فقد توجد صفات النفاق في مسلم لا يبطن الكفر ويظهر الإسلام فيعامل معاملة المنافق الخالص، وكلما تحلى عن صفة أو سمة من هذه الصفات أو السمات اقترب من الصف الإسلامي الصادق، لقد كان هدف ابن أبي واضحا من كلامه وهو حرب المهاجرين، وإخراجهم من المدينة أذلاء. وعلى أي شيء يعتمد؟! يعتمد على قومه من الخزرج الذين كادوا يبايعونه سابقا على القيادة. وما هو وقود الحرب؟! هو بناء الأمة على حزبين هما: المهاجرون من قريش وهم أشبه ما يكونون بالمستعمرين اليوم - على حد زعمه وفهمه - (نافرونا وكاثرونا في بلادنا، وأنكروا منتنا، والله ما صرنا وجلابيب قريش إلا كما يقول القائل سمن كلبك يأكلك). والذين قبلوا هذا الاستعمار هم قومه (هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم، ونزلوا منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم حتى استغنوا). أما هو فقد كان كارها لهذا، والقيادات الأخرى غيره هي المسؤولة عن هذه النتيجة (والله إن كنت لكارها لوجهي هذا ولكن قومي قد غلبوني .. والله ما رأيت كاليوم مذلة). وهل لهذا الأمر من تلاف؟
نعم والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
إنها الثورة على هذه القيادة وإخراجها من المدينة.
وعلى حد زعمه، لأي مرحلة وصل الخضوع والذلة والجهالة لدى قومه؟! (ما هو المطلوب منهم الآن). (أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم ثم لم ترضوا ما فعلتم حتى جعلتم أنفسكم أغراضا للمنايا فقتلتم دونهم فأيتمتكم أولادكم. وقللتم وكثروا).
إنه منطق تقسيم الأمة إلى رجعيين وتقدميين أو كادحين ومستغلين. والدعوة إلى الثورة التي تطيح بأعداء الشعب. ليستلم العمال والفلاحون والمثقفون الثوريون زمام السلطة. إنه تقسيم الأمة إلى اليمين واليسار .. أو إلى ثوريين ومحترفين سياسيين.