للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتولى الله ورسوله وجماعة المؤمنين. وأضيف إلى المسلمين بعد خروجهم ذخيرة جديدة من المال والسلاح وآلات الحرب، وأنهوا عدوا لدودا مقيما بين ظهرانيهم لم يحفظ العهد ولم يرع الميثاق. ولا شك أن هذه الحركة العسكرية قد أجهضت المناوئين الآخرين، وجعلت بني قريظة وبني النضير على خوف وحذر شديدين من المواجهة.

ولقد حدد القرآن الكريم هذا المعنى بدقة بأن الضربة القوية الحاسمة من الحركة الإسلامية - قمينة بإرهاب بقية الأعداء: وخاصة الذين ينقضون الميثاق {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين، ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله - صلى الله عليه وسلم -علمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله - صلى الله عليه وسلم -وف إليكم وأنتم لا تظلمون (١)}.

فالآيات هذه تنزلت في بني قينقاع، ولم يكن بين بدر وبين بني قينقاع إلا حوالي عشرين يوما. وكأنها توجيهات عسكرية مباشرة إلى طبيعة المواجهة بين المسلمين واليهود. واليهود هم شر الدواب عند الله، وهم الذين نقضوا عهدهم، وهم الذين يتابعون هذا النكث، فلا بد أن تكون الحرب معهم حاسمة بحيث تشرد من خلفهم من الأعداء، وترعب من وراءهم من الحلفاء.

وها نحن نجد الحركة الإسلامية حين أعلنت بعض فصائلها الحرب ضد الطواغيت تغدو مرهوبة الجانب، منيعة عزيزة، يخشاها العدو، ويسارع الخصوم إلى التحالف معها. فلقد أصبحت أملهم في الإنقاذ من براثن هذا الطاغوت، ومهما عتا الطاغوت وتجبر فهو يخشى الثأر والانتقام فيملأ السجون ويدمر البيوت، ويذبح الآمنين، لكنه ما أن تحل به عملية ضخمة من عمليات الثأر حتى يستنفر جيشه وسراياه ومخابراته كلها لهول هذه الضربة.


(١) الأنفال / ٥٥ - ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>