المشردين عن ديارهم لن يعودوا وهم شاردون تائهون عن الله. إنهم في التية، تيه بني إسرائيل، وقارب التيه أربعين، ولما يصح أبناء الإسلام على مكمن الخطر، ومكمن الداء. إنه واحد لبني إسرائيل، وبني إسماعيل، وبني الأرض جميعا {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب}. أما سلاح يهود الذي كتمه المسلمون فكان: خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفا. كان لها وزنها الكبير في تسليح الجيش الإسلامي الناشىء. وكانت قوة للمؤمنين في حربهم مع الكافرين.
ح - بنو قريظة:
لقد كانت نهاية بني قينقاع بعد بدر.
وكانت نهاية بني النضير بعد أحد (١).
وكانت نهاية بني قريظة بعد الخندق.
وكانت نهاية بني قريظة من أسوأ النهايات، لأن غدرهم كان أعظم الغدر، وكان يمثل الطبيعة اليهودية أكبر تمثيل، وكان الدور الأكبر فيه للزعيم المهزوم حيي بن أخطب سيد بني النضير الذي جلا إلى خيبر، وعاد إلى مكة يشعل النار فيها لتغزو محمدا في عقر داره، فتثأر له من محمد بن عبد الله.
فلقد كانت غزوة الأحزاب أثرا من آثار اليهودية. (وسبب ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أجلى بني النضير ساروا إلى خيبر، وبها من يهود قوم أهل عدد وجلد، وليس لهم من البيوت والأحساب ما لبني النضير. فخرج سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب، وكنانة بن أبي الحقيق، وهوذة بن قيس الوائلي من الأوس وأبو عامر الراهب في بضعة عشر رجلا إلى مكة يدعون قريشا وأتباعها إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالوا لقريش: نحن معكم حتى نستأصل محمدا، جئنا لنحالفكم على عداوته وقتاله، فنشطت قريش لذلك، وتذكروا أحفادهم ببدر، فقال أبو سفيان: مرحبا وأهلا: أحب الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمد.
(١) هناك رأي مفاده أن غزوة بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر.