للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياداتهم على الأقل، ومعرفتهم أن النصر للمسلمين، لكنهم واثقون كذلك أنهم يقاتلون عربا بدون عقيدة وبدون إسلام. وهم مطمئنون إلى نصرهم في هذه الحالة لما يبذلون من جهد، ويخططون من كيد. ولأنهم حين يحاربون المسلمين فهم منهزمون، ومع ذلك فهم يقاتلون، ويقولون كما قال زعيمهم حيي أنه لا بأس بأمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بنى إسرائيل.

أما الآن فكما قال الله تعالى عنهم {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ..} وكما قال الله تعالى {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ..} وهم مطمئنون اليوم أن الحرب الحقيقية لم تقم بعد، وأنهم حين يواجهون عنفا في حرب فإنما يكون وراءه مسلمون حقيقيون، إنها نماذج بطولات فردية، وها هم العرب اليوم كلهم يعلنون سلمهم مع يهود ويطلبون منها الصلح. ونهاية اليهود التي كانت في بني قريظة ستكون نهايتهم إن شاء الله على أرض فلسطين، الأرض المباركة التي وعد الله تعالى فيها بنصر جنده المؤمنين. وكانت أسلحتهم وأموالهم غنيمة للمسلمين. يقول المقريزي في إمتاع الأسماع (وجمعت أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة والأثاث والثياب، فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع، وألفا رمح، وألف وخسمائة ترس وجحفة، وأثاث كبير، وآنية كثيرة وخمر وجرار سكر فهرق ذلك كله، ولم يخمس، ووجد من الجمال النواضح عدة، ومن الماشية شيء كثير فجمع هذا كله ... (١). ولم يكتف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك. بل ابتاع بسبايا بني قريظة الخيل والسلاح من نجد. لقد كانت المعركة شوكة كبيرة للمسلمين ونصرا ماحقا لليهود، وإنهاء لوجودهم في المدينة بعد ست سنوات من التعايش القلق. وهذا ما قاله سلام بن مكشم زعيم بني النضير بعد حيي بن أخطب والذي أقام في خيبر وتلقى مع بقية اليهود نبأ مقتل بني قريظة صبرا بالسيف: (هذا كله عمل حيي بن أخطب لا قامت يهودية بالحجاز أبدا (٢)). ولكن هذا الحكم العادل،


(١) إمتاع الأسماع للمقريزي ج ١ ص ٢٤٥.
(٢) إمتاع الأسماع للمقريزي ج ١ ص ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>