النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف نظر إليه وقال: أقتلت ابنة مروان؟ قال: نعم يا رسول الله. فقال: نصرت الله ورسوله يا عمير، فقال: هل علي شيء من شأنها يا رسول الله؟ فقال: لا ينتطح فيها عنزان. فكانت هذه الكلمة أول ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال لأصحابه إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب، فانظروا إلى عمير بن عدي، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تشرى في طاعة الله تعالى فقال: لا تقل الأعمى ولكنه البصير .. فلما رجع عمير وجد بنيها في جماعة يدفنونها فقالوا: يا عمير أنت قتلتها؟ قال؟ نعم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فوالذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم. فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة، فمدح حسان عمير بن عدي، وكان قتل عصماء لخمس بقين من رمضان مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدر على رأس تسعة عشر شهرا (١).
إنها امرأة واستطاعت بكيدها للإسلام أن تحول بينه وبين بني خطمة، وخوف المؤمنين فيهم من سلاطة لسانها جعلهم يخفون إسلامهم، فكان شعرها كلسع النار على ظهر المؤمنين، وتحرك الإيمان في قلب عمير، الذي رأى من تبجحها وسفاهتها في غيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بدر ما جعله ينذر قتلها إن عاد عليه الصلاة والسلام. أقدم على قتلها بحمية إيمانية عجيبة، ودون أن يستأذن قيادته، وصلى الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وفي قلبه بعض الخوف من أن يكون قد أساء بقتلها فطمأنه عليه الصلاة والسلام، وأثنى عليه بقوله:(إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب، فانظروا إلى عمير بن عدي). ولا عجب أن يدهش عمر في إيمانه فيشير إليه عمر أمام الناس أنه الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، والذي أذهل عمر أنه أعمى وتمكن من البحث عن هذه الحية الرقطاء فقتلها في بيتها. فصحح له عليه الصلاة والسلام قوله: إنه البصير. ولم يكن عمير في قتله هذا بعد إجازة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له يخشى أحدا في هذه الأرض، لم يجمجم ولم يتلعثم حين