للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نيرانهم، واحتز الجماعة رأس كعب واحتملوه، وأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وقد قام يصلي ليلته بالبقيع - فلما بلغوه كبروا. فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال؟ أفلحت الوجوه، فقالوا: ووجهك يا رسول الله. ورموا برأس كعب بين يديه، فحمد الله على قتله وتفل على جرح الحارث بن أوس. وكان قد جرح ببعض سيوف أصحابه فبرأ من وقته وأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليلة التي قتل فيها ابن الأشرف فقال: (١) من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فخافت اليهود فلم يطلع عظيم من عظمائهم ولم ينطقوا (٢).

د - مقتل ابن سنينة:

وكان ابن سنينة من يهود بني حارثة حليفا لحويصة بن مسعود. فعدا أخوه محيصة بن مسعود على ابن سنينة فقتله، فجعل أخوه حويصة يضربه ويقول: أي عدو الله أقتلته!! أما والله لرب شحم في بطنك من ماله، فقال محيصة: والله لو أمرني بقتلك الذي أمرني لقتلتك. قال: أوالله لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني؟ قال: نعم، والله لو أمرني بضرب عنقك لضربتها، قال: والله إن دينا بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة. فجاءت يهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشكون ذلك، فقال: إنه لو فر كما فر غيره ممن هو على مثل رأيه ما اغتيل، ولكنه نال منا الأذى وهجانا بالشعر، ولم يفعل هذا أحد منكم إلا كان السيف. ودعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابا ينتهون إلى ما فيه فكتبوا بينهم وبينه كتابا. وحذرت يهود وخافت وذلت من يوم قتل ابن الأشرف (١).

أما الحادثتان الجديدتان وقد وقعتا في وقت متقارب قبيل غزوة أحد، هما اغتيال كعب بن الأشرف وابن سنينة كما نرى، ويجمع بينهما تقارب الوقت أولا، وأنهما كانتا بإذن من القيادة ثانيا - وإن اختلفت طبيعة الإذن والتكليف - وبسبب واحد هو الموقف العدائي من الإسلام والمسلمين وشخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولعل ضخامة جريمة كعب بن الأشرف كانت أكبر من جريمة ابن سنينة. فلقد مضى كعب إلى مكة، والتقى بزعماء قريش، ورثا أصحاب


(١) السيرة لابن هشام ج ٣/ ١٢.
(٢) إمتاع الأسماع للمقريزي ١/ ١٠٩ - ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>