للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لا تنظرون (١)}. فليس بالإمكان أن يتم هذا الأمر وللعدو حصونه وقوته وشراسته، ولكن هذا الأمر لا يتم بدون إذن في الأصل حين يرتبط المسلم بقيادته.

إننا نلاحظ كثيرا من ضعاف النفوس ينافقون للطلغاة والكفرة ويعايشونهم خوفا من بطشهم، وهذا أمر نهىى الإسلام عنه، واعتبره ركونا للكفار {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون (٢)} الفرق واضح تماما بين هذا النوع من الركون والمسارعة في الكفار، وبين من يفعل هذا الأمر بمهمة من قيادته المسلمة أو إذن منها على الأقل، أو تصميم على تنفيذ مهمة اغتيال أو تجسس لصالح المسلمين حين يعجز عن الصلة بالقيادة والتنسيق معها، ولقد استطاع أبو نائلة رضي الله عنه أن يجعل الثقة بينه وبين كعب في الأوج حين نال من محمد - صلى الله عليه وسلم - وشهر به. وهؤلاء أحب الناس إلى قلوب الطغاة، وهم الذين يرتدون عن دينهم سخطة له وتشهيرا به.

وكانت الخطة من الدقة والإحكام بحيث لا يوجد فيها ثغرة واحدة.

فهدف هذه المجموعة الفدائية أن تكون بكامل سلاحها، ولو جاءت هكذا لشراء البر والتمر لكانت موطن شك وألقي القبض عليها. غير أن أحكام الخطة بأن هذه المجموعة جاءت بسلاحها تسلمه لكعب بن الأشرف رهينة للبر والتمر، فهو أمر مقبول ومستساغ. بل سال لعاب كعب له. أن يحصل على سلاح خمسة من المسلمين يضمه إلى مخازن سلاحه التي عنده ويلهيهم بالتمر والبر. إن أقوى ما يكون في الخطة هي أن تبدو ساذجا مغفلا مع خصمك، وتظهر له انخداعك به حتى يتابع خطته.

ولا نزال نذكر موقف تلك الأخت المسلمة التي قبضت عليها المخابرات وهي تحمل وثائق للقيادة، ومن خلال وثيقة السفر التي تحملها تم التأكد من علاقتها مع الحركة، واستعملت معها أساليب التهديد العجيبة، ونقلت إلى


(١) سورة هود من الآية ٥٥.
(٢) سورة هود الآية ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>