مركز مخابرات العاصمة وراح يحقق معها شخصيتان كبيرتان من قادة المخابرات وضباطهم الكبار. واستمر التحقيق معها ساعات طويلة، اقنعتهم فيه أنها ستتعامل معهم لصالحهم ضد الجماعة المسلمة. فاحتفوا بها أيما احتفاء ونقلوها إلى أرقى فنادق العاصمة، وأعطوها دفعة دسمة من المال، وأركبوها في السيارة معززة مكرمة إلى القيادة. فإحكام الخطة الذي يزيل الشبهة عنصر أساسي من نجاح المهمة، ومن أجل هذا راح كعب مع المجموعة الفدائية يتمشى دون حرج وهم مدججون بسلاحهم.
كما أن أداة الفتك لا بد أن تكون متطورة متناسبة مع طبيعة المهمة، فالمغول الذي استعمله محمد بن مسلمة كان ضروريا للتأكد من مقتل الطاغية، والابتعاد بكعب عن حصنه أمر ضروري جدا حتى لا يقبض عليهم عند الحصن، والمحاولة الأولى من أبي نائلة ليشم عطر كعب الطيب ضرورية كذلك حيث يحكم القبض عليه في المرة الثانية دون أن يفلت منه، ودون أن تتحرك الريبة في قلبه لو وجدهم محيطين به أثناء الاندفاع في الحديث.
لقد أثبت الإخوة المجاهدون في الوقت الحاضر كفاءة عالية جدا في اغتيال شخصيات العدو وطغاته وذلك على هدى هذه المجموعة الفدائية. لدرجة أن هذه العمليات استمرت قرابة ثلاث سنوات وعجزت الدولة بمخابراتها وسلطانها أن تتعرف على هوية المنفذين، وكانت تحسبهم من حركة قومية غير الحركة الإسلامية.
وأخيرا نلحظ الأثر العظيم لهذا الاغتيال، فلقد قضي على التحرك المعادي للمسلمين في عقر دارهم، وخفتت الأصوات الإعلامية المعادية، وكتب اليهود كتابا وميثاقا بذلك يعلنون تراجعهم عن هذا العداء السافر، ودخل الرعب في قلب العدو لدرجة أنه لم يجرؤ أحد قادتهم على الخروج وحده.
وكانت الصورة التي أعلنها محيصة بن مسعود لأخيه أنه على استعداد أن يضرب عنقه لو أمره رسول الله بذلك إيذانا بتعرف العدو على الاستبسال المنقطع النظير لدى هؤلاء المجاهدين، وأن دينهم أقوى من كل شيء في