كانت المعاني التي انصب عليها شعر بدر كله تتناول من قبل المسلمين قتلى القليب، السراة من قريش. وقلما يوجد شاعر لم يتناول هذا الجانب، ثم يربط الشعراء هذه الهزيمة النكراء بالبغي والطغيان من قريش، وأن جزاء هذا البغي النار في الآخرة والخزي والذل في الدنيا. وتعير الذين لاذوا بالفرار، والذين وقعوا في ذل الأسر، وتشمت بالنائحين والنائحات على قتلاهم. ثم تحمل دعوة لقريش أن ترعوي عن غيها وتفيء إلى الله ورسوله، كما يتوضح الفخر الكبير بالنصر المؤزر الذي ناله المسلمون تحت راية محمد - صلى الله عليه وسلم - ومدد جبريل والملائكة معه. هذا في الجانب الإسلامي. ومن نماذجه قول كعب رضي الله عنه:
فلما لقيناهم وكل مجاهد ... لأصحابه مستبسل النفس صابر
وقد عريت بيض خفاف كأنها ... مقاييس يزهيها لعينيك شاهر
بهن أبدنا جمعهم فتبدوا ... وكان يلاقي الحين من هو فاجر
فكب أبو جهل صريعا لوجهه ... وعتبة قد غادرته وهو عاثر
وشيبة والتيمي غادرن في الوغى ... وما منهم اإلا بزي العرش كافر
فأمسوا وقود النار في مستقرها ... وكل كفور في جهنم صائر
وقول حسان رضي الله عنه:
طحنتهم والله ينفذ أمره ... حرب بثب سعيرها بضرام
لولا الإله وجريها لتركنه ... جزر السباع ودسنه بحوام
من بين مأسور يشد وثاقه ... صقر إذا لاقى الأسنة حامي
ومجدل لا يستجيب لدعوة ... حتى تزول شوامخ الإعلام
ولم ينس أن يعير الحارث بن هشام لفراره:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام (١)