بينما نجد الجانب الجاهلي ينصب على الرثاء. فهذا الحارث يرثي أبا جهل:
ألا يالهف نفسي بعد عمرو ... وهل يغني التلهف من قتيل
وهند بنت عتبة التي كانت تفاخر بمصيبتها العرب:
أعيني جودا بدمع سرب ... على خير خندق لم ينقلب
تداعى له رهطه غدوة ... بنو هاشم وبنو المطلب
يذيقونه حد أسيافهم ... يعلونه بعدما قد عطب
كما يهاجمون المسلمين بتخليهم عن عشيرتهم، وتعاونهم مع الغرباء ضد قومهم:
أصيبوا كراما لم يبيعوا عشيرة ... بقوم سواهم نازحي الدار والأصل
كما أصبحت غسان فيكم بطانة ... لكم بدلا منا فيا لك من فعل
عقوقا وإثما بينا وقطيعة ... يرى جؤركم فيها ذوو الرأي والعقل
ولا ينسون التهديد بالثأر من المسلمين، وخاصة الخزرج والأوس:
فإن تك قتلى غودرت من رجالنا ... فإما رجال بعدهم سنغادر
ووسط بني النجار سوف نكرها ... لها بالقنا والدارعين زوافر
فنترك صرعى تعصب الطير حولهم ... وليس لهم إلا الأماني ناصر
وما يتمالك الشاعر الجاهلي أمام عصبيته أن يعيد النصر إلى المهاجرين من قريش، فيثني عليهم عصبية وحمية.
فإن تطفروا في يوم بدر فإنما ... بأحمد أمسى جدكم وهو ظاهر
وبالنفر الأخيار هم أولياؤه ... يحامون في اللأواء والموت حاضر
يعد أبو بكر وحمزة فيهم ... ويدعى علي وسط من أنت ذاكر
ويدعى أبو حفص وعثمان منهم ... وسعد إذا ما كان في الحرب حاضر
أولئك لا من نتجت من ديارها ... بنو الأوس والنجار حين تفاخر
وتظهر المتناقظات كذلك لدى طالب بن أبي طالب ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو يعتز بمحمد ولا يخفي هواه معه، ثم يبكي أصحاب القليب من قريش من جهة ثانية.