للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليست لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، ألا ترونهم خرسا لا يتكلمون، يتلمظون تلمظ الأفاعي والله ما أرى أن يقتل منهم رجل حتى يقتل منكم رجلا. فإذا أصابوا منكم مثل عددهم فما خير في العيش بعد ذلك، فروا رأيكم (١)).

٢ - يقول عليه الصلاة والسلام للمسلمين في بدر: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، فقال عمير بن الحمام بخ بخ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال: لا، يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: إنك من أهلها. فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل (٢).

وكذلك سأله عوف بن الحارث. ما يضحك الرب من عبده! قال: غمسه يده في العدو حاسرا فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل (٣).

٣ - قال معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة (٤) وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه. قال: فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه. فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها، قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي، واجهضني القتال عنه. فلقد قاتلت عامة يومي هذا وأنا أسحبها خلفي. فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها. ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق (٥).


(١) إمتاع الأسماع: ١/ ٨٢ - ٨٣.
(٢) رواه مسلم، ٢/ ١٣٩.
(٣) مشكاة المصابيح ٢/ ٣٣١.
(٤) الحرجة: الشجر الملتف وشبه رماح المشركين حوله بذلك.
(٥) الرحيق المختوم عن ابن إسحاق ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>