للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يقول يومئذ: دلوني على محمد، فلا نجوت إن نجا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنبه ما معه أحد، ثم جاوزه، فعاتبه في ذلك صفوان، فقال: والله ما رأيته، أحلف بالله إنه منا ممنوع.

المتعاقدون على قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وكان أربعة من قريش قد تعاقدوا وتعاهدوا على قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرفهم المشركون بذلك، وهم عبد الله بن شهاب الزهري وعتبة بن أبي وقاص (١)، وعمرو بن قميئة، وأبي بن خلف (وزاد بعضهم عبد الله بن حميد بن زهير ..) ورمى عتبة يومئذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة أحجار فكسر رباعيته أشظى باطنها اليمنى السفلى. وأقبل ابن قميئة وهو يقول: دلوني على محمد فوالذي يحلف به لئن رأيته لأقتلنه، فعلاه بالسيف، ورماه عتبة بن أبي وقاص مع تجليل السيف، وكان عليه درعان. فوقع - صلى الله عليه وسلم - في الحفرة التي أمامه على جنبه فجحشت ركبتاه، ولم يصنع سيف ابن قميئة شيئا إلا وهن الضربة بثقل السيف، فقد وقع لها - صلى الله عليه وسلم - وانتهض، وطلحة يحمله من ورائه، وعلي آخذ بيده حتى استوى قائما. ورمى ابن قميئة بسهم فأصاب مصعب بن عمير رضي الله عنه فقتله، فقال - صلى الله عليه وسلم - ما له، أقمأه الله (٢)؟ ورجع عدو الله إلى قومه فأخبرهم أنه قتل رسول الله. فعمد (بعد المعركة في مكة) إلى شاة يحتلبها فنطحته بقرونها وهو معتقلها فقتلته فوجد ميتا بين الجبال.

وأقبل عبد الله بن حميد بن زهير حين رأى رسول الله على تلك الحال، يركض فرسه مقنعا في الحديد يقول: أنا ابن زهير! دلوني على محمد. فوالله لأقتلنه أو أموتن دونه. فقال له أبو دجانة: هلم إلى من يقي نفس محمد بنفسه. وضرب فرسه عرقبها ثم علاه بالسيف فقتله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه ويقول، اللهم ارض عن أبي خرشة كما أنا عنه راضى.


(١) إنها معجزات العقيدة أن يتعاقد عتبة بن أبي وقاص على قتل عمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرمي الرسول بأحجاره. بينما كان أخوه سعد بن أبي وقاص أحد الذين بقوا بجوار الرسول صل الله عليه وسلم يحميه ويذود عنه. ولم يتغيب عن الذود عنه لحظة واحدة. بل كان أشد ما يكون حرصا على قتل أخيه عتبة غير أن أجله كان على غير يده.
(٢) وهو الذي صاح بقتل محمد حين حسب مصعبًا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>