سفيان: هلم إلي يا عمر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أئته فانظر ما شأنه؟ فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله - صلى الله عليه وسلم - يا عمر أقتلنا محمدا؟ قال عمر: اللهم لا. وإنه ليستمع كلامك الآن. قال: أنت أصدق عندي من ابن قميئة وأبر.
التثبت من موقف المشركين: ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب، فقال: أخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون؟ وما يريدون؟. فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة. والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم. قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل.
حالة الطوارىء في المدينة: بات المسلمون في المدينة - ليلة الأحد الثامن من شهر شوال سنة ٣ هـ بعد الرجوع من معركة أحد - وهم في حالة الطوارىء، باتوا - وقد أنهكهم التعب، ونال منهم أي منال - يحرسون أنقاب المدينة ومداخلها، ويحرسون قائدهم الأعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة إذ كانت تتلاحقهم الشبهات من كل جانب.
غزوة حمراء الأسد: وبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يفكر في الموقف، فقد يخاف أن المشركين إن فكروا في أنفسهم في أنهم لم يستفيدوا شيئا من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القتال، فلا بد أن يندموا على ذلك، ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة ثانية، فصمم على أن يقوم بعملية مطاردة الجيش المكي.
قال أهل المغازي ما حاصله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نادى في الناس وندبهم إلى السير إلى لقاء العدو - وذلك صباح الغد من معركة أحد - أي يوم الأحد الثامن من شهر شوال سنة ٣ هـ - وقال: لا يخرج معنا إلا من شهد القتال، فقال له عبد الله بن أبي: أركب معك! قال: لا، واستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد، والخوف المزيد، وقالوا: سمعا وطاعة واستأذنه جابر بن عبد الله، وقال: يا رسول الله، إني أحب أن لا نشهد مشهدا إلا كنت معك، وإنما خلفني أبي على بناته، فأذن لي، أسير معك، فأذن له. وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه حتى بلغوا حمراء الأسد على بعد ثمانية