للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين (١)}.

٣٢ - تحدي الطاغوت: وبالرغم من الجراحات التي أثقلت جند الله، كان الجيش يخرج مع إطلالة الفجر لملاحقة المشركين ومطاردتهم. نستمع إلى مشاعر الجيش وآلامه على لسان أحد جنوده الذي يقول: شهدت أحدا مع رسول - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخ لي. فرجعنا جريحين. فلما أذن مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج في طلب العدو. قلت لأخي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله ما لنا من دابة نركبها. وما منا إلا جريح ثقيل. فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت أيسر جرحا. فكان أخي إذا غلب حملته عقبة، ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى له المسلمون (٢). أما بيان الله تعالى عن الحملة فكان: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم}.

٣٣ - حسبنا الله ونعم الوكيل: أبو سفيان تحتقن روحه في حلقه يوم عاد مع جيشه دون أن يستأصل شأفة المسلمين، وقلبه يخفق رعبا من أن يلحق به جيش محمد. فحاول تحقيق نصر مزعوم بأن قال لوفد بني عبد القيس: (إذا وافيتموه - أي رسول الله - فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم). فجاءت شهادة الله تعالى بجنده المؤمنين: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.

٣٤ - الفئة المسلمة صفوة الله من خلفه: وقد تكون مثخنة بالجراح، وقد تكون عبقة بالآلام، وقد تكون مثقلة بالتضحيات، ولكنها تبقى صفوة


(١) آل عمران / ١٦٩، ١٧٧.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٤٤. ط دار الجيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>