البحث عن أرض أخرى، ورجال آخرين، ومضى أبو بصير بهذا الخط العام الذي رسمه له رسول الله عليه الصلاة والسلام.
٥ - ومضى رضي الله عنه بكف تمر أكله خلال ثلاثة أيام، والثائر الحقيقي لا بد أن يوطن نفسه على الجوع والعري والفاقة. وأن يتجلد على القسوة والشدة والمحنة. ثم لجأ بعد انتهاء كف التمر إلى حيتان البحر. ورجل الثورة بحاجة إلى أن ينمي الامكانات الذاية للثورة لا أن يكون اعتماده على المعونات الخارجية، لأن هذه المعونات من المحتمل أن تنضب في كل لحظة، أو تنقطع وبالتالي يهلك بذلك.
٦ - لقد كان أبو بصير بحق قائد ثورة، ومبادىء الثورة تبيح المواجهة المباشرة وغير المباشرة.
وما احتال به على العامري لقتله وأخذ سيفه. خط إسلامي أصيل حين يجمع العدو على القضاء على الحركة الإسلامية وذلك بأن تلجأ إلى التعمية والتغرير بالخصم لقتله وأخذ سلاحه.
والثورة الإسلامية حين تنطلق. تستطيع أن تتبع الأساليب المناسبة الناجعة مع أزلام الطغاة وزبانيتهم. لأنهم يعلمون الجريمة التي يساهمون بها.
٧ - والثورة الإسلامية التي شهدنا أبا بصر على رأسها، تعذر الدول المرتبطة بمواثيق ومعاهدات. ولا تحرجها حين تتحرك على أرضها وتتقيد تقيدا تاما بمبادىء هذه الدولة وقوانينها.
لقد رأينا أبا بصير وارتباطه بالإسلام ارتباط عقيدة، وارتباطه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتباط عقيدة وإيمان، ومع ذلك لم يحرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتحرك على أرضه أو طلب المدد منه وقد تعلم هذا الدرس حين رفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أن يخمس له سلبه.
وما أحوج الثورة الإسلامية إلى أن تدرك هذه المعاني وخاصة عندما لا يكون ارتباطها ارتباط عقيدة مع الدولة التي تتحرك في أرضها.
كما أن على شباب الحركة الإسلامية أن يدركوا الظروف الصعبة التي تمر بها قيادتهم، وتضطر إلى التخلي عن معونتهم ومددهم لمصلحة الدولة ذاتها. فلقد وقع عليه الصلاة والسلام ميثاقا من صلب نصوصه عدم حماية الثوار المسلمين ومددهم وإعادتهم وتسليمهم للدولة العدو لو جاؤوا إليه.
٨ - وكان الرصيد الحقيقي للثورة هم رجال مكة المسلمون المستضعفون الذين انضموا إلى أبي بصير واحدا تلو الآخر حتى بلغ عددهم سبعين رجلا من المجاهدين والدرس الذي تستفيده