الثورة الإسلامية من هذا الحديث هو أن الرصيد الحقيقي للثورة هو من أبناء البلد الثائر. هذا هو الرصيد الحقيقي. ومن أجل ذلك لم ينضم لجيش الثورة رجل واحد من المسلمين في المدينة. لأنه جندي نظامي في دولة رسمية. أما المستضعفون المسلمون في مكة فقد انضموا إلى أبي بصير عن بكرة أبيهم وكانوا هم أصحاب القضية وأبناؤها الأصليين والثورة التي تقوم وتعتمد في رصيدها على الرديف من الدول الأخرى لن يكتب لها النجاح.
٩ - واختيار المكان المناسب للثورة ذو أهمية قصوى في نجاحها فعصب قريش هو التجارة وتجارتها إلى الشام هي المحور الأول. ولم يرتفع الاختناق عنها إلا بعد صلح الحديبية. فإذا بها تقاجأ من جديد بعودة الإرهاب إلى الطريق، والقافلة إثر القافلة يباد رجالها وتمضي أموالها. فالموقع الاستراتيجي المناسب الذي يمكن الثورة من قطع شريان الحياة عن أعدائها هو اللذي يجعل هذا العدو يلين ويرصخ أما إذا لم يشعر العدو أنه مهدد بحياته ووجوده وأمنه فسوف يسحق هذه الثورة ويبيدها عن آخر رجل فيها.
وكل ثورة لا تجد منطلقا تنطلق منه إلى حدود العدو ستنتهي في النهاية إلى لاجئين سياسيين يعيشون على موائد الآخرين. وكل ما من شأنه أن يقصم ظهر العدو ويفل مقاومته هو من حق الثائرين سيان كان أهدافا مدنية أو عسكرية وهدف الثورة هو رفع الظلم والاضطهاد عن المستضعفين. ولن يتراجع الطغاة عن طغيانهم ما لم يصابوا بأرواحهم وحياتهم وأموالهم وأمنهم، عندئذ يسقط في يدهم ويشعرون أنه قد أحيط بهم فيستسلمون.
١٠ - وليس هدف الثورة الإرهاب والفتك للإرهاب والفتك، إن هدفها هو رفع الظلم والاضطهاد عن المسحوقين الملاحقين بعقائدهم وفكرهم ومقدساتهم وحين يتحقق الهدف تنتهي الثورة ومن أجل ذلك عندما اسفحل أمر الثوار المسلمين في الساحل. وعرفت مكة أنها على وشك الاختناق، وأن جبهة جديدة فتحت عليها تقض مضجعها وأمنها راحت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتفاوض معه وترجوه وتسترحمه أن ينهي هذه الثورة ويضم هؤلاء المسلمين إلى جيشه النظامي. فيسري عليهم ما يسري على جيشه بالتزام الهدنة والصلح.
(وكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه بأرحامهم إلا أادخل إليه أبا بصير ومن معه. وتحقق هدف الثوة وانضم الثوار إلى دولة الإسلام، وهم سبعون من المجاهدين الذين تزيلوا من صفوف العدو وتميزوا).
ولا بد أن نلاحظ حدود الثورة وطاقتها وإمكاناتها. فلم يكن هدف ثورة أبي بصير. هو