للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنه، بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأيديهم على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله حتى توفي، ثم أقرها عمر رضي الله عنه صدرا من إمارته ثم بلغ عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في وجعه الذي قبضه الله فيه: لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان، ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت، فأرسل إلى يهود، فقال: إن الله عز وجل قد أذن في جلائكم، قد بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان، فمن كان عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود فليأتني به، أنفذه له، ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود فليتجهز للجلاء فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم (١).

من شهد خيبر من النساء: وشهد خيبر عشرون امرأة منهن أم المؤمنين أم سلمة، وصفية بنت عبد المطلب، وأم أيمن وسلمى أمراة أبي رافع مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وامرأة عاصم بن عدي وأم عمارة وأم منيع وكعيبة بنت سعد، وأم مطاع الأسلمية، وأم سليم بنت ملحان، وأم الضحاك بنت مسعود، وهند بنت عمرو بن حرام، وأم عامر الأشهلية، وأم عطية الأنصارية، وأم سليط. وأمية بنت قيس الغفارية (٢).

لم يمض على موعود الله لجند الحديبية أكثر من شهرين بالفتح القريب والمغانم الكثيرة حتى كانت حصون خيبر بما تحوي من خيرات بين يدي المسلمين، وشاء قدر الله أن لا يشارك مع أهل الحديبية أحد معهم في خيبر، اللهم إلا بعض النساء، والوفود القادمة من اليمن والحبشة.

ولقد بلغ من جهد المسلمين وجوعهم وفاقتهم في هذه المعركة أن ذبحوا الحمر الأهلية، ونصبوا القدور على النيران، وجاء منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن رسول الله ينهاكم عن أكل لحوم الحمر الأهلية.

(قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عمرو بن ضمرة عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه قال: أتانا نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الحمر الأنسية. والقدور تفور بها فكفأناها على وجوهها) (٣).

وإنها لتجربة قاسية ولا شك، وفريدة كذلك أن المسلمين قد عض الجوع بنابهم وليس لديهم ما يأكلون حتى التمر لا يجدونه، وهم مكلفون بخوض حرب طاحنة مع اليهود وليسوا مسترخين نائمين في المعسكر، وذبحوا الحمر وطهوها، وسال لعابهم عليهم، والقدور تفور باللحم الطازج ثم يأتي الأمر النبوي بالنهي عن أكل لحموم الحمر، فما يترددون لحظة واحدة، أو


(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٣٧١.
(٢) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٢٦، ٣٢٧.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام ص ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>