إسلام خالد بن الوليد (قال الواقدي: حدثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: سمعت أبي يحدث عن خالد بن الوليد قال: لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضرني رشدي فقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد - صلى الله عليه وسلم - فليس في موطن أشهده إلا انصرف، وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء، وأن محمدا سيظهر، فلما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحديبية خرجت في خيل من المشركين، فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه بعسفان. فقمت بإزائه، وتعرضت له، فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا. وكانت فيه خيرة، فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك منا موقعا، وقلت: الرجل ممنوع فاعتزلنا، وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالرواح، قلت في نفسي: أي شيء بقي؟ أين أذهب إلى النجاشي! فقد اتبع محمدا وأصحابه عنده آمنون، فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية. فأقيم في عجم، فأقيم في داري بمن بقي، فأنا في ذلك إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في عمرة القضاء فتغيبت ولم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي في عمرة القضاء فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك! ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنك، وقال: أين خالد. فقلت يأتي الله به فقال مثله يجهل الإسلام؟ ولو جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة.
قال: فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرني سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني، وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة مجدبة. فخرجت في بلاد خضراء واسعة فقلت: إن هذه لرؤيا، فلما أن قدمت المدينة قلت: لأذكرنها لأبي بكر، فقال: مخرجك الذي هداك الله للإسلام والضيق الذي كنت فيه من الشرك. فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: من أصاحب إلى رسول الله؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت: يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن كأضراس، وقد ظهر محمد على العرب والعجم فلو قدمنا على محمد واتبعناه، فإن شرف محمد لنا شرف؟ فأبى أشد الإباء فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدأ. فافترقنا، وقلت: هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر فلقيت عكرمة بن أبي جهل، فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية فقال لي مثل ما قال صفوان، قلت فاكتم عني. قال: لا أذكره. فخرجت إلى منزلي فأمرت براحلتي، فخرجت بها إلى أن لقيت عثمان بن طلحة. فقلت: إن هذا لي صديق. فلو ذكرت له ما أرجو، ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أن أذكره ثم قلت: وما علي وأنا راحل من ساعتي فذكرت له ما صار الأمر إليه فقلت